يقول تعالى: { مَّنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ } أي إنما يعود نفع ذلك على نفسه، { وَمَنْ أَسَآءَ فَعَلَيْهَا } أي إنما يرجع وبال ذلك عليه، { وَمَا رَبُّكَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ } أي لا يعاقب أحداً إلا بذنبه، ولا يعذب أحداً إلا بعد قيام الحجة عليه وإرسال الرسول إليه، ثم قال جلّ وعلا: { إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ ٱلسَّاعَةِ } أي لا يعلم ذلك أحد سواه، كما قال سيد البشر لجبريل عليه السلام حين سأله عن الساعة، فقال: " ما المسؤول عنها بأعلم من السائل " ، وكما قال عزّ وجلّ:{ إِلَىٰ رَبِّكَ مُنتَهَاهَآ } [النازعات: 44]، وقال جلّ جلاله:{ لاَ يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَآ إِلاَّ هُوَ } [الأعراف: 187]، وقوله تبارك وتعالى: { وَمَا تَخْرُجُ مِن ثَمَرَاتٍ مِّنْ أَكْمَامِهَا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَىٰ وَلاَ تَضَعُ إِلاَّ بِعِلْمِهِ } أي الجميع بعلمه لا يعزب عن علمه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء، كقوله:{ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا } [الأنعام: 59]، وقال تعالى:{ وَمَا يُعَمَّرُ مِن مُّعَمَّرٍ وَلاَ يُنقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلاَّ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٌ } [فاطر: 11] وقوله جل وعلا: { وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ أَيْنَ شُرَكَآئِي } أي يوم القيامة ينادي الله المشركين على رؤوس الخلائق، أين شركائي الذين عبدتموهم معي؟ { قَالُوۤاْ آذَنَّاكَ } أي أعلمناك، { مَا مِنَّا مِن شَهِيدٍ } أي ليس أحد منا يشهد اليوم أن معك شريكاً، { وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَدْعُونَ مِن قَبْلُ } أي ذهبوا فلم ينفعوهم، { وَظَنُّواْ مَا لَهُمْ مِّن مَّحِيصٍ } أي وأيقن المشركون يوم القيامة { مَا لَهُمْ مِّن مَّحِيصٍ } أي لا محيد لهم من عذاب الله، كقوله تعالى:{ وَرَأَى ٱلْمُجْرِمُونَ ٱلنَّارَ فَظَنُّوۤاْ أَنَّهُمْ مُّوَاقِعُوهَا وَلَمْ يَجِدُواْ عَنْهَا مَصْرِفاً } [الكهف: 53].