الرئيسية - التفاسير


* تفسير مختصر تفسير ابن كثير/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق


{ أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِيۤ آيَاتِ ٱللَّهِ أَنَّىٰ يُصْرَفُونَ } * { ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِٱلْكِـتَابِ وَبِمَآ أَرْسَلْنَا بِهِ رُسُلَنَا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ } * { إِذِ ٱلأَغْلاَلُ فِيۤ أَعْنَاقِهِمْ وٱلسَّلاَسِلُ يُسْحَبُونَ } * { فِي ٱلْحَمِيمِ ثُمَّ فِي ٱلنَّارِ يُسْجَرُونَ } * { ثُمَّ قِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ تُشْرِكُونَ } * { مِن دُونِ ٱللَّهِ قَـالُواْ ضَـلُّواْ عَنَّا بَل لَّمْ نَكُنْ نَّدْعُواْ مِن قَبْلُ شَيْئاً كَذَلِكَ يُضِلُّ ٱللَّهُ ٱلْكَافِرِينَ } * { ذَلِكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَفْرَحُونَ فِي ٱلأَرْضِ بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ وَبِمَا كُنتُمْ تَمْرَحُونَ } * { ٱدْخُلُوۤاْ أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى ٱلْمُتَكَبِّرِينَ }

يقول تعالى: ألا تعجب يا محمد من هؤلاء المكذبين بآيات الله، ويجادلون في الحق بالباطل، كيف تصرف عقولهم عن الهدى إلى الضلال؟ { ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِٱلْكِـتَابِ وَبِمَآ أَرْسَلْنَا بِهِ رُسُلَنَا } أي من الهدى والبيان { فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ } هذا تهديد شديد، ووعيد أكيد، من الرب جلّ جلاله لهؤلاء، كما قال تعالى:وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ } [المرسلات: 15]، وقوله عزّ وجلّ: { إِذِ ٱلأَغْلاَلُ فِيۤ أَعْنَاقِهِمْ وٱلسَّلاَسِلُ } أي متصلة بالأغلال بأيدي الزبانية يسحبونهم على وجوههم تارة إلى الحميم، وتارة إلى الجحيم، ولهذا قال تعالى: { يُسْحَبُونَ * فِي ٱلْحَمِيمِ ثُمَّ فِي ٱلنَّارِ يُسْجَرُونَ } ، كما قال تبارك وتعالى:يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ } [الرحمٰن: 44]، وقال تعالى:ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا ٱلضِّآلُّونَ ٱلْمُكَذِّبُونَ * لأَكِلُونَ مِن شَجَرٍ مِّن زَقُّومٍ } [الواقعة: 51-52]، وقال عزَّ وجلَّ:خُذُوهُ فَٱعْتِلُوهُ إِلَىٰ سَوَآءِ ٱلْجَحِيمِ * ثُمَّ صُبُّواْ فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ ٱلْحَمِيمِ * ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْكَرِيمُ } [الدخان: 47-49] أي يقال لهم ذلك على وجه التقريع والتوبيخ، والتهكم والاستهزاء بهم، وقوله تعالى: { ثُمَّ قِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ تُشْرِكُونَ * مِن دُونِ ٱللَّهِ }؟ أي قيل لهم: أين الأصنام التي كنتم تعبدونها من دون الله هل ينصرونكم اليوم؟ { قَـالُواْ ضَـلُّواْ عَنَّا } أي ذهبوا فلم ينفعونا، { بَل لَّمْ نَكُنْ نَّدْعُواْ مِن قَبْلُ شَيْئاً } أي جحدوا عبادتهم، كقوله جلَّت عظمته:ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ وَٱللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ } [الأنعام: 23]، ولهذا قال عزَّ وجلَّ: { كَذَلِكَ يُضِلُّ ٱللَّهُ ٱلْكَافِرِينَ } ، وقوله: { ذَلِكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَفْرَحُونَ فِي ٱلأَرْضِ بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ وَبِمَا كُنتُمْ تَمْرَحُونَ } أي تقول لهم الملائكة: هذا الذي أنتم فيه جزاء على فرحكم في الدنيا بغير الحق، ومرحكم وأشركم وبطركم، { ٱدْخُلُوۤاْ أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى ٱلْمُتَكَبِّرِينَ } ، أي فبئس المنزل والمقيل الذي فيه الهوان والعذاب الشديد، لمن استكبر عن آيات الله، واتباع دلائله وحججه، والله أعلم.