الرئيسية - التفاسير


* تفسير مختصر تفسير ابن كثير/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق


{ ٱللَّهُ ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱللَّيْلَ لِتَسْكُنُواْ فِيهِ وَٱلنَّهَـارَ مُبْصِـراً إِنَّ ٱللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى ٱلنَّاسِ وَلَـٰكِنَّ أَكْـثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ } * { ذَٰلِكُمُ ٱللَّهُ رَبُّكُمْ خَـٰلِقُ كُلِّ شَيْءٍ لاَّ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ فَأَنَّىٰ تُؤْفَكُونَ } * { كَذَلِكَ يُؤْفَكُ ٱلَّذِينَ كَانُواْ بِآيَاتِ ٱللَّهِ يَجْحَدُونَ } * { ٱللَّهُ ٱلَّذِي جَعَـلَ لَكُـمُ ٱلأَرْضَ قَـرَاراً وَٱلسَّمَآءَ بِنَـآءً وَصَوَّرَكُـمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُـمْ وَرَزَقَكُـمْ مِّنَ ٱلطَّيِّبَاتِ ذَلِكُمُ ٱللَّهُ رَبُّكُـمْ فَتَـبَارَكَ ٱللَّهُ رَبُّ ٱلْعَالَمِينَ } * { هُوَ ٱلْحَيُّ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ فَـٱدْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ ٱلْحَـمْدُ للَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ }

يقول تعالى ممتناً على خلقه بما جعل لهم من الليل الذي يسكنون فيه، ويستريحون فيه من حركات ترددهم في المعايش بالنهار وجعل النهار مبصراً، أي مضيئاً ليتصرفوا فيه بالأسفار، وقطع الأقطار، والتمكن من الصناعات { إِنَّ ٱللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى ٱلنَّاسِ وَلَـٰكِنَّ أَكْـثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ } أي لا يقومون بشكر نعم الله عليهم، ثم قال عزّ وجلّ: { ذَلِكُـمُ ٱللَّهُ رَبُّـكُمْ خَالِقُ كُـلِّ شَيْءٍ لاَّ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ } أي الذي فعل هذه الأشياء هو الواحد الأحد، خالق الأشياء الذي لا إلٰه غيره ولا رب سواه، { فَأَنَّىٰ تُؤْفَكُونَ } أي فكيف تعبدون غيره من الأصنام التي لا تخلق شيئاً بل هي مخلوقة منحوتة! وقوله عزّ وجلّ: { كَذَلِكَ يُؤْفَكُ ٱلَّذِينَ كَانُواْ بِآيَاتِ ٱللَّهِ يَجْحَدُونَ } أي كما ضل هؤلاء بعبادة غير الله، كذلك أفك الذين من قبلهم فعبدوا غيره، بلا دليل ولا برهان بل بمجرد الجهل والهوى، وجحدوا حجج الله وآياته، وقوله تعالى: { ٱللَّهُ ٱلَّذِي جَعَـلَ لَكُـمُ ٱلأَرْضَ قَـرَاراً } أي جعلها لكم مستقراً، تعيشون عليها وتتصرفون فيها، وتمشون في مناكبها، { وَٱلسَّمَآءَ بِنَـآءً } أي سقفاً للعالم محفوظاً، { وَصَوَّرَكُـمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُـمْ } أي فخلقكم في أحسن الأشكال، ومنحكم أكمل الصور في أحسن تقويم، { وَرَزَقَكُـمْ مِّنَ ٱلطَّيِّبَاتِ } أي من المآكل والمشارب في الدنيا، فذكر أنه خلق الدار والسكان والأرزاق، فهو الخالق الرزّاق، كما قال تعالى في سورة البقرة:ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلأَرْضَ فِرَاشاً وَٱلسَّمَاءَ بِنَآءً وَأَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ ٱلثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَّكُمْ فَلاَ تَجْعَلُواْ للَّهِ أَندَاداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ } [الآية: 22]. وقال تعالى هٰهنا بعد خلق هذه الأشياء: { ذَلِكُمُ ٱللَّهُ رَبُّكُـمْ فَتَـبَارَكَ ٱللَّهُ رَبُّ ٱلْعَالَمِينَ } أي فتعالى وتقدس وتنزه رب العالمين، ثم قال تعالى: { هُوَ ٱلْحَيُّ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ } أي هو الحي أولاً وأبداً، وهو الأول والآخر والظاهر والباطن، { لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ } أي لا نظير له ولا عديل له { فَـٱدْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ } أي موحدين له مقرين بأنه لا إلٰه إلا هو الحمد لله رب العالمين، عن ابن عباس قال: من قال: لا إلٰه إلا الله فليقل على أثرها الحمد لله رب العالمين، وذلك قوله تعالى: { فَـٱدْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ ٱلْحَـمْدُ للَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ }.