الرئيسية - التفاسير


* تفسير مختصر تفسير ابن كثير/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق


{ وَلاَ تُؤْتُواْ ٱلسُّفَهَآءَ أَمْوَالَكُمُ ٱلَّتِي جَعَلَ ٱللَّهُ لَكُمْ قِيَٰماً وَٱرْزُقُوهُمْ فِيهَا وَٱكْسُوهُمْ وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفاً } * { وَٱبْتَلُواْ ٱلْيَتَامَىٰ حَتَّىٰ إِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِّنْهُمْ رُشْداً فَٱدْفَعُواْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَأْكُلُوهَآ إِسْرَافاً وَبِدَاراً أَن يَكْبَرُواْ وَمَن كَانَ غَنِيّاً فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَن كَانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِٱلْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُواْ عَلَيْهِمْ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ حَسِيباً }

ينهى سبحانه وتعالى عن تمكين السفهاء من التصرف في الأموال، التي جعلها الله للناس قياماً، أي تقوم بها معايشهم من التجارات وغيرها، ومن هٰهنا يؤخذ [الحجر على السفهاء] وهم أقسام: فتارة يكون الحجر للصغر، فإن الصغير مسلوب العبارة، وتارة يكون الحجر للجنون، وتارة لسوء التصرف لنقص العقل أو الدين، وتارة للفلس وهو ما إذا أحاطت الديون برجل وضاق ماله عن وفائها، فإذا سأل الغرماء الحاكم الحجر عليه حجر عليه، وقال ابن عباس في قوله: { وَلاَ تُؤْتُواْ ٱلسُّفَهَآءَ أَمْوَالَكُمُ } قال: هم بنوك والنساء، وقال الضحاك: هم النساء والصبيان، وقال سعيد بن جبير: هم اليتامى، وقال مجاهد وعكرمة: هم النساء، وقال ابن أبي حاتم عن أبي أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن النساء سفهاء إلا التي أطاعت قيمها " وقوله: { وَٱرْزُقُوهُمْ فِيهَا وَٱكْسُوهُمْ وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفاً } قال ابن عباس: لا تعمد إلى مالك وما خوّلك الله وجعله لك معيشة، فتعطيه امرأتك أو بنتك، ثم تنظر إلى ما في أيديهم، ولكن أمسك مالك وأصلحه، وكن أنت الذي تنفق عليهم من كسوتهم ومؤنتهم ورزقهم، وقال ابن جرير عن أبي موسى قال: ثلاثة يدعون الله فلا يستجيب لهم، رجل له امرأة سيئة الخلق فلم يطلقها، ورجل أعطى ماله سفيهاً. وقد قال الله: { وَلاَ تُؤْتُواْ ٱلسُّفَهَآءَ أَمْوَالَكُمُ } ، ورجل كان له على رجل دين فلم يشهد عليه. وقال مجاهد: { وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفاً } يعني في البر والصلة، وهذه الآية الكريمة تضمنت الإحسان إلى العائلة في الكساوى والأرزاق، بالكلام الطيب وتحسين الأخلاق.

وقوله تعالى: { وَٱبْتَلُواْ ٱلْيَتَامَىٰ } أي اختبروهم { حَتَّىٰ إِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ } قال مجاهد: يعني الحلم، قال الجمهور من العلماء: البلوغ في الغلام تارة يكون بالحلم، وهو أن يرى في منامه ما ينزل به الماء الدافق الذي يكون منه الولد، وعن علي: قال حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا يتم بعد احتلام ولا صمات يوم إلى الليل " وفي الحديث الآخر عن عائشة وغيرها من الصحابة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " رفع القلم عن ثلاثة عن الصبي حتى يحلم - أو يستكمل خمس عشرة سنة - وعن النائم حتى يستيقظ، وعن المجنون حتى يفيق " ، وأخذوا ذلك من الحديث الثابت في الصحيحين عن ابن عمر قال: عُرِضْتُ على النبي صلى الله عليه وسلم يوم أُحد وأنا ابن أربع عشرة فلم يجزني، وعرضت عليه يوم الخندق وأنا ابن خمس عشرة سنة فأجازني، فقال عمر بن عبد العزيز لما بلغه هذا الحديث: إن هذا الفرق بين الصغير والكبير، وقال أبو عبيد في الغريب عن عمر: أن غلاماً ابتهر جارية في شعره، فقال عمر: انظروا إليه فلم يوجد أنبت فدرأ عنه الحد، قال أبو عبيدة: ابتهرها أي قذفها، والابتهار: أن يقول فعلت بها وهو كاذب، فإن كان صادقاً فهو الابتيار قال الكميت في شعره:

السابقالتالي
2 3