الرئيسية - التفاسير


* تفسير مختصر تفسير ابن كثير/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق


{ وَٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِٱلْوَٰلِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي ٱلْقُرْبَىٰ وَٱلْيَتَٰمَىٰ وَٱلْمَسَٰكِينِ وَٱلْجَارِ ذِي ٱلْقُرْبَىٰ وَٱلْجَارِ ٱلْجُنُبِ وَٱلصَّاحِبِ بِٱلجَنْبِ وَٱبْنِ ٱلسَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَٰنُكُمْ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُوراً }

يأمر تبارك وتعالى بعبادته وحده لا شريك له، فإنه هو الخالق الرازق المنعم المتفضل على خلقه في جميع الحالات، فهو المستحق منهم أن يوحدوه ولا يشركوا به شيئاً من مخلوقاته، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل: " " أتدري ما حق الله على العباد؟ " قال الله ورسوله أعلم، قال: " أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً " ، ثم قال: " أتدري ما حق العباد على الله إذا فعلوا ذلك؟ أن لا يعذبهم " ثم أوصى بالإحسان إلى الوالدين، فإن الله سبحانه جعلهما سبباً لخروجك من العدم إلى الوجود، وكثيراً ما يقرن الله سبحانه بين عبادته والإحسان إلى الوالدين، كقوله:أَنِ ٱشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ } [لقمان: 14]، وكقوله:وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوۤاْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِٱلْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً } [الإسراء: 23]، ثم عطف على الإحسان إليهما بالإحسان إلى القرابات من الرجال والنساء كما جاء في الحديث: " الصدقة على المسكين صدقة، وعلى ذي الرحم صدقة وصلة ".

ثم قال تعالى: { وَٱلْيَتَامَىٰ } وذلك لأنهم فقدوا من يقوم بمصالحهم ومن ينفق عليهم، فأمر الله بالإحسان إليهم والحنو عليهم، ثم قال: { وَٱلْمَسَاكِينِ } وهم المحاويج من ذوي الحاجات الذين لا يجدون من يقوم بكفايتهم، فأمر الله سبحانه بمساعدتهم بما تتم به كفايتهم وتزول به ضرورتهم، وسيأتي الكلام على الفقير والمسكين في سورة براءة، وقوله: { وَٱلْجَارِ ذِي ٱلْقُرْبَىٰ وَٱلْجَارِ ٱلْجُنُبِ } قال ابن عباس: { وَٱلْجَارِ ذِي ٱلْقُرْبَىٰ } يعني الذي بينك وبينه قرابة { وَٱلْجَارِ ٱلْجُنُبِ } الذي ليس بينك وبينه قرابة، وكذا روي عن عكرمة ومجاهد، وقال نوف البكالي في قوله: { وَٱلْجَارِ ذِي ٱلْقُرْبَىٰ } يعني الجار المسلم { وَٱلْجَارِ ٱلْجُنُبِ } يعني اليهودي والنصراني رواه ابن جرير وابن أبي حاتم وقال مجاهد أيضاً في قوله: { وَٱلْجَارِ ٱلْجُنُبِ } يعني: الرفيق في السفر، وقد وردت الأحاديث بالوصايا بالجار فلنذكر منها ما تيسر وبالله المستعان.

(الحديث الأول): قال الإمام أحمد عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه " أخرجه في الصحيحين.

(الحديث الثاني): عن عبد الله بن عمرو بن العاص عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " خير الأصحاب عند الله خيرهم لصاحبه وخير الجيران عند الله خيرهم لجاره ".

(الحديث الثالث): قال الإمام أحمد عن المقداد بن الأسود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: " " ما تقولون في الزنا "؟ قالوا: حرام حرمه الله ورسوله وهو حرام إلى يوم القيامة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لأن يزني الرجل بعشر نسوة أيسر عليه من أن يزني بحليلة جاره " ، قال: " ما تقولون في السرقة "؟ قالوا: حرمها الله ورسوله فهي حرام إلى يوم القيامة، قال: " لأن يسرق الرجل من عشرة أبيات أيسر عليه من أن يسرق من جاره " ".


السابقالتالي
2 3