الرئيسية - التفاسير


* تفسير مختصر تفسير ابن كثير/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق


{ ٱلرِّجَالُ قَوَّٰمُونَ عَلَى ٱلنِّسَآءِ بِمَا فَضَّلَ ٱللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَآ أَنْفَقُواْ مِنْ أَمْوَٰلِهِمْ فَٱلصَّٰلِحَٰتُ قَٰنِتَٰتٌ حَٰفِظَٰتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ ٱللَّهُ وَٱلَّٰتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَٱهْجُرُوهُنَّ فِي ٱلْمَضَاجِعِ وَٱضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً }

يقول تعالى: { ٱلرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى ٱلنِّسَآءِ } أي الرجل قيم على المرأة، أي هو رئيسها وكبيرها والحاكم عليها ومؤدبها إذا اعوجت { بِمَا فَضَّلَ ٱللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ } أي لأن الرجال أفضل من النساء، والرجل خير من المرأة ولهذا كانت النبوة مختصة بالرجال، وكذلك الملك الأعظم لقوله صلى الله عليه وسلم: " لن يفلح قوم ولَّوا أمرهم امرأة " رواه البخاري، وكذا منصب القضاء وغير ذلك { وَبِمَآ أَنْفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ } أي من المهور والنفقات والكلف التي أوجبها الله عليهم لهن في كتابه وسنّة نبيه صلى الله عليه وسلم، فالرجل أفضل من المرأة في نفسه، وله الفضل عليها والإفضال، فناسب أن يكون قيماً عليها كما قال الله تعالى:وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ } [البقرة: 228] الآية، وقال ابن عباس: { ٱلرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى ٱلنِّسَآءِ } يعني أمراء عليهن، أي تطيعه فيما أمرها الله به من طاعته، وطاعتُه أن تكون محسنة لأهله حافظة لماله. وقال الحسن البصري: جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم تشكو أن زوجها لطمها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " القصاص " فأنزل الله عزَّ وجلَّ: { ٱلرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى ٱلنِّسَآءِ } الآية. فرجعت بغير قصاص، وقد أسنده ابن مردويه عن علي قال: أتى رسولَ الله صلى الله عليه وسلم رجلٌ من الأنصار بامرأة له، فقالت: يا رسول الله إن زوجها فلان بن فلان الأنصاري وإنه ضربها فأثر في وجهها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس له ذلك، فأنزل الله تعالى: { ٱلرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى ٱلنِّسَآءِ } أي في الأدب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أردت أمراً وأراد الله غيره " أورد ذلك كله ابن جرير.

وقوله تعالى: { فَٱلصَّالِحَاتُ } أي من النساء { قَانِتَاتٌ } ، قال ابن عباس: يعني مطيعات لأزواجهن { حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ } وقال السدي وغيره: أي تحفظ زوجها في غيبته في نفسها وماله، وقوله: { بِمَا حَفِظَ ٱللَّهُ } أي المحفوظ من حفظه الله. عن أبي هريرة قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " خير النساء امرأة إذا نظرت إليها سرتك، وإذا أمرتها أطاعتك، وإذا غبت عنها حفظتك في نفسها ومالك " ، قال: ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية: { ٱلرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى ٱلنِّسَآءِ } إلى آخرها، وقال الإمام أحمد عن عبد الرحمٰن بن عوف قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا صلت المرأة خمسها، وصامت شهرها، وحفظت فرجها، وأطاعت زوجها قيل لها ادخلي الجنة من أي الأبواب شئت " وقوله تعالى: { وَٱللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ } أي النساء اللاتي تتخوفون أن ينشزن على أزواجهن، والنشوز هو الارتفاع، فالمرأة الناشز هي المرتفعة على زوجها، التاركة لأمره، المعرضة عنه، المبغضة له، فمتى ظهر له منها أمارات النشوز فليعظها، وليخوفها عقاب الله في عصيانه، فإن الله قد أوجب حق الزوج عليها وطاعته، وحرم عليها معصيته لما له عليها من الفضل والإفضال، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

السابقالتالي
2