الرئيسية - التفاسير


* تفسير مختصر تفسير ابن كثير/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق


{ يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ ٱللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي ٱلْكَلاَلَةِ إِن ٱمْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَآ إِن لَّمْ يَكُنْ لَّهَآ وَلَدٌ فَإِن كَانَتَا ٱثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا ٱلثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِن كَانُوۤاْ إِخْوَةً رِّجَالاً وَنِسَآءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ ٱلأُنثَيَيْنِ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمْ أَن تَضِلُّواْ وَٱللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ }

قال البخاري عن أبي إسحاق قال: سمعت البراء، قال: آخر سورة نزلت براءة، وآخر آية نزلت يستفتونك. وقال الإمام أحمد عن محمد بن المنكدر، قال سمعت جابر بن عبد الله قال: دخل عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا مريض لا أعقل، قال: فتوضأ ثم صب عليّ - أو قال صبوا عليه - فعقلت فقلت: إنه لا يرثني إلا كلالة فكيف الميراث؟ فأنزل الله آية الفرائض. وفي بعض الألفاظ فنزلت آية الميراث { يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ ٱللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي ٱلْكَلاَلَةِ } الآية. وكأن معنى الكلام والله أعلم: يستفتونك عن الكلالة { قُلِ ٱللَّهُ يُفْتِيكُمْ } فيها، فدل المذكور على المتروك. وقد تقدم الكلام على الكلالة واشتقاقها، وأنها مأخوذة من الإكليل الذي يحيط بالرأس من جوانبه، ولهذا فسرها أكثر العلماء: بمن يموت وليس له ولد ولا والد. ومن الناس من يقول: الكلالة من لا ولد له كما دلت عليه هذه الآية: { إِن ٱمْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ } ، وقد أشكل حكم الكلالة على أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه كما ثبت عنه في الصحيحين أنه قال: ثلاث وددت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان عهد إلينا فيهن عهداً ننتهي إليه: الجد، والكلالة، وباب من أبواب الربا. عن عمر قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الكلالة فقال: " يكفيك آية الصيف " فقال: لأن أكون سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها أحب إلي من أن يكون لي حمر النعم. وكأن المراد بآية الصيف أنها نزلت في فصل الصيف والله أعلم، ولما أرشده النبي صلى الله عليه وسلم إلى تفهمها فإن فيها كفاية، نسي أن يسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن معناها، ولهذا قال: فلأن أكون سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها أحب إلي من أن يكون لي حمر النعم.

وقال ابن جرير عن سعيد بن المسيب قال: سأل عمر بن الخطاب النبي صلى الله عليه وسلم عن الكلالة، فقال: " أليس قد بين الله ذلك " ؟ فنزلت { يَسْتَفْتُونَكَ } الآية. قال قتادة: وذكر لنا أن أبا بكر الصديق قال في خطبته: ألا إن الآية التي نزلت في أول سورة النساء في شأن الفرائض أنزلها الله في الولد والوالد، والآية الثانية أنزلها في الزوج والزوجة والإخوة من الأم، والآية التي ختم بها سورة النساء أنزلها في الإخوة والأخوات من الأب والأم، والآية التي ختم بها سورة الأنفال أنزلها في أولي الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله مما جرت الرحم من العصبة.

قوله تعالى: { إِن ٱمْرُؤٌ هَلَكَ } أي مات، قال الله تعالى:

السابقالتالي
2 3