يخبر تعالى أنه الخالق لما في السماوات والأرض، وما بين ذلك من الأشياء، وبأنه مالك الملك المتصرف فيه يقلّب ليله ونهاره { يُكَوِّرُ ٱللَّيْـلَ عَلَى ٱلنَّهَـارِ وَيُكَوِّرُ ٱلنَّـهَارَ عَلَى ٱللَّيْلِ } أي سخرهما يجريان متعاقبين، لا يفترقان، كل منهما يطلب الآخر طلباً حثيثاً، كقوله تعالى:{ يُغْشِي ٱلَّيلَ ٱلنَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً } [الأعراف: 54]، وقوله عزّ وجلّ: { وَسَخَّـرَ ٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ كُـلٌّ يَجْرِي لأَجَـلٍ مُّسَـمًّى } أي إلى مدة معلومة عند الله تعالى، ثم ينقضي يوم القيامة { أَلا هُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْغَفَّارُ } أي مع عزته وعظمته وكبريائه، هو غفار لمن عصاه ثم تاب وأناب إليه، وقوله: جلت عظمته: { خَلَقَكُمْ مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ } أي خلقكم مع اختلاف أجناسكم وأصنافكم وألسنتكم وألوانكم { مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ } وهو آدم عليه الصلاة والسلام { ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا } وهي حواء عليها السلام كقوله تعالى:{ يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمُ ٱلَّذِي خَلَقَكُمْ مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَآءً } [النساء: 1] وقوله تعالى: { وَأَنزَلَ لَكُمْ مِّنَ ٱلأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ } أي وخلق لكم من ظهور الأنعام ثمانية أزواج، وهي المذكورة في سورة الأنعام من الضأن اثنين، ومن المعز اثنين، ومن الإبل اثنين، ومن البقر اثنين، وقوله عزّ وجلّ: { يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُـمْ } أي قدّركم في بطون أمهاتكم { خَلْقاً مِّن بَعْدِ خَلْقٍ } يكون أحدكم أولاً نطفة، ثم يكون علقة، ثم يكون مضغة، ثم يخلق فيكون لحماً وعظماً وعصباً وعروقاً، وينفخ فيه الروح فيصير خلقاً آخر{ فَتَبَارَكَ ٱللَّهُ أَحْسَنُ ٱلْخَالِقِينَ } [المؤمنون: 14]، وقوله جلّ وعلا: { فِي ظُلُمَاتٍ ثَلاَثٍ } يعني ظلمة الرحم، وظلمة المشيمة، وظلمة البطن، كذا قال ابن عباس ومجاهد. وقوله جلّ جلاله: { ذَٰلِكُمُ ٱللَّهُ رَبُّكُمْ } أي هذا الذي خلقكم وخلق آباءكم، هو الرب له الملك والتصرف في جميع ذلك { لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ } أي الذي لا تنبغي العبادة إلا له وحده لا شريك له { فَأَنَّىٰ تُصْرَفُونَ }؟ أي فكيف تعبدون معه غيره؟ وأين يذهب بعقولكم؟