يقول تبارك وتعالى مخبراً عن الإنسان أنه في حال الضراء يتضرع إلى الله عز وجل، وينيب إليه ويدعوه، وإذا خوّله نعمة منه بغى وطغى، وقال: { إِنَّمَآ أُوتِيتُهُ عَلَىٰ عِلْمٍ } أي لما يعلم الله تعالى من استحقاقي له، ولولا أني عند الله خصيص لما خولني هذا، قال قتادة:{ عَلَىٰ عِلْمٍ عِندِيۤ } [القصص: 78] على خبر عندي، قال الله عزّ وجلّ: { بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ } أي ليس الأمر كما زعم، بل إنما أنعمنا عليه بهذه النعمة لنختبره فيما أنعمنا عليه أيطيع أم يعصي؟ مع علمنا المتقدم بذلك فهي { فِتْنَةٌ } أي اختبار { وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } ، فلهذا يقولون ويدعون ما يدعون، { قَدْ قَالَهَا ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ } أي قد قال هذه المقالة وادعى هذه الدعوى كثير ممن سلف من الأمم، { فَمَآ أَغْنَىٰ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَكْسِبُونَ } أي فما صح قولهم ولا نفعهم جمعهم وما كانوا يكسبون، { فَأَصَابَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُواْ وَٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنْ هَـٰؤُلاَءِ } أي من المخاطبين { سَيُصِيبُهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُواْ } ، أي كما أصاب أولئك { وَمَا هُمْ بِمُعْجِزِينَ } ، كما قال تبارك وتعالى مخبراً عن قارون{ قَالَ إِنَّمَآ أُوتِيتُهُ عَلَىٰ عِلْمٍ عِندِيۤ أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ ٱللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِن قَبْلِهِ مِنَ ٱلْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعاً وَلاَ يُسْأَلُ عَن ذُنُوبِهِمُ ٱلْمُجْرِمُونَ } [القصص: 78] وقال تعالى:{ وَقَالُواْ نَحْنُ أَكْثَـرُ أَمْوَالاً وَأَوْلاَداً وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ } [سبأ: 35]، وقوله تبارك وتعالى: { أَوَلَمْ يَعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ يَبْسُطُ ٱلرِّزْقَ لِمَن يَشَآءُ وَيَقْدِرُ } أي يوسعه على قوم ويضيقه على آخرين، { إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } أي لعبراً وحججاً.