الرئيسية - التفاسير


* تفسير مختصر تفسير ابن كثير/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق


{ أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ ٱلْعَذَابِ أَفَأَنتَ تُنقِذُ مَن فِي ٱلنَّارِ } * { لَـٰكِنِ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِّن فَوْقِهَا غُرَفٌ مَّبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ وَعْدَ ٱللَّهِ لاَ يُخْلِفُ ٱللَّهُ ٱلْمِيعَادَ }

يقول تعالى: أفمن كتب الله أنه شقي هل تقدر أن تنقذه مما هو فيه من الضلال والهلاك؟ أي لا يهديه أحد من بعد الله، ثم أخبر عزّ وجلّ عن عباده السعداء أن لهم غرفاً في الجنة، وهي القصور الشاهقة، { مِّن فَوْقِهَا غُرَفٌ مَّبْنِيَّةٌ } طباق فوق طباق، مبنيات محكمات، مزخرفات عاليات، وفي الصحيح: " إن في الجنة لغرفاً يرى بطونها من ظهورها، وظهورها من بطونها، فقال أعرابي: لمن هي يا رسول الله؟ قال صلى الله عليه وسلم: " لمن أطاب الكلام، وأطعم الطعام، وصلى بالليل والناس نيام " " وروى الإمام أحمد، عن سهل بن سعد رضي الله عنه " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إن أهل الجنة ليتراءون الغرفة في الجنة كما تراءون الكواكب في أفق السماء " " وروى الإمام أحمد، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: " قلنا يا رسول الله! إنا إذا رأيناك رقت قلوبنا، وكنا من أهل الآخرة، فإذا فارقناك أعجبتنا الدنيا، وشممنا النساء والأولاد، قال صلى الله عليه وسلم: " لو أنكم تكونون على كل حال، على الحال التي أنتم عليها عندي لصافحتكم الملائكة بأكفهم ولزارتكم في بيوتكم، ولو لم تذنبوا لجاء الله عزّ وجلّ بقوم يذنبون كي يغفر لهم " قلنا: يا رسول الله حدثنا عن الجنة ما بناؤها؟ قال صلى الله عليه وسلم: لبنة ذهب ولبنة فضة، وبلاطها المسك الأذفر، وحصباؤها اللؤلؤ والياقوت، وترابها الزغفران، من يدخلها ينعم ولا يبأس، ويخلد ولا يموت، لا تبلى ثيابه، ولا يفنى شبابه، ثلاثة لا ترد دعوتهم: الإمام العادل، والصائم حتى يفطر، ودعوة المظلوم تحمل على الغمام، وتفتح لها أبواب السماوات، ويقول الرب تبارك وتعالى: " وعزتي لأنصرك ولو بعد حين " " وقوله تعالى: { تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ } أي تسلك الأنهار بين خلال ذلك كما شاءوا، وأين أرادوا { وَعْدَ ٱللَّهِ } أي هذا الذي ذكرناه وعد وعده الله عباده المؤمنينإِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُخْلِفُ ٱلْمِيعَادَ } [الرعد: 31].