الرئيسية - التفاسير


* تفسير مختصر تفسير ابن كثير/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق


{ وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا ٱلْمُرْسَلِينَ } * { إِنَّهُمْ لَهُمُ ٱلْمَنصُورُونَ } * { وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ ٱلْغَالِبُونَ } * { فَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّىٰ حِينٍ } * { وَأَبْصِرْهُمْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ } * { أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ } * { فَإِذَا نَزَلَ بِسَاحَتِهِمْ فَسَآءَ صَبَاحُ ٱلْمُنْذَرِينَ } * { وَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّىٰ حِينٍ } * { وَأَبْصِرْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ }

يقول تبارك وتعالى: { وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا ٱلْمُرْسَلِينَ } أي تقدم في الكتاب الأول أن العاقبة للرسل وأتباعهم في الدنيا والآخرة، كما قال تعالى:كَتَبَ ٱللَّهُ لأَغْلِبَنَّ أَنَاْ وَرُسُلِيۤ إِنَّ ٱللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ } [المجادلة: 21]، وقال: عزّ وجلّ:إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ ٱلأَشْهَادُ } [غافر: 51]، ولهذا قال جل جلاله: { إِنَّهُمْ لَهُمُ ٱلْمَنصُورُونَ } أي في الدنيا والآخرة كما تقدم بيان نصرتهم على قومهم، ممن كذبهم وخالفهم، كيف أهلك الله الكافرين ونجى عباده المؤمنين، { وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ ٱلْغَالِبُونَ } أي تكون لهم العاقبة، وقوله جل وعلا: { فَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّىٰ حِينٍ } أي اصبر على أذاهم لك وانتظر إلى وقت مؤجل، فإنا سنجعل لك العاقبة والنصرة والظفر، وقوله جلت عظمته: { وَأَبْصِرْهُمْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ } أي انظرهم وارتقب ماذا يحل بهم من العذاب والنكال بمخالفتك وتكذيبك، ولهذا قال تعالى على وجه التهديد والوعيد: { فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ } ، ثم قال عزّ وجلّ: { أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ } أي هم إنما يستعجلون العذاب لتكذيبهم وكفرهم بك، ومع هذا يستعجلون العذاب والعقوبة، قال الله تعالى: { فَإِذَا نَزَلَ بِسَاحَتِهِمْ فَسَآءَ صَبَاحُ ٱلْمُنْذَرِينَ } أي فإذا نزل العذاب بمحلتهم فبئس ذلك اليوم يومهم، بإهلاكهم ودمارهم، وقال السدي: { فَإِذَا نَزَلَ بِسَاحَتِهِمْ } يعني بدارهم { فَسَآءَ صَبَاحُ ٱلْمُنْذَرِينَ } أي فبئس ما يصبحون أي بئس الصباح صباحهم، ولهذا ثبت في " الصحيحين " عن أنَس رضي الله عنه قال: " صبح رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر، فلما خرجوا بفؤوسهم ومساحيهم ورأوا الجيش رجعوا، وهم يقولون: محمد والله، محمد والخميس، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " الله أكبر خربت خيبر، إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين " " ، وقوله تعالى: { وَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّىٰ حِينٍ * وَأَبْصِرْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ } تأكيد لما تقدم من الأمر بذلك، والله سبحانه وتعالى أعلم.