الرئيسية - التفاسير


* تفسير مختصر تفسير ابن كثير/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق


{ وَآيَةٌ لَّهُمُ ٱلأَرْضُ ٱلْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبّاً فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ } * { وَجَعَلْنَا فِيهَا جَنَّاتٍ مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنَ ٱلْعُيُونِ } * { لِيَأْكُلُواْ مِن ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلاَ يَشْكُرُونَ } * { سُبْحَانَ ٱلَّذِي خَلَق ٱلأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنبِتُ ٱلأَرْضُ وَمِنْ أَنفُسِهِمْ وَمِمَّا لاَ يَعْلَمُونَ }

يقول تبارك وتعالى: { وَآيَةٌ لَّهُمُ } أي دلالة لهم على وجود الصانع وقدرته التامة وإحيائه الموتى { ٱلأَرْضُ ٱلْمَيْتَةُ } أي إذا كانت ميتة هامدة لا شيء فيها من النبات، فإذا أنزل الله تعالى عليها الماء اهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج، ولهذا قال تعالى: { أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبّاً فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ } أي جعلنا رزقاً لهم ولأنعامهم، { وَجَعَلْنَا فِيهَا جَنَّاتٍ مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنَ ٱلْعُيُونِ } أي جعلنا فيها أنهاراً سارحة في أمكنة يحتاجون إليها { لِيَأْكُلُواْ مِن ثَمَرِهِ } لما امتن على خلقه بإيجاد الزروع لهم، عطف بذكر الثمار وتنوعها وأصنافها، وقوله جلّ وعلا: { وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ } أي وما ذاك كله إلا من رحمة الله تعالى بهم، لا بسعيهم ولا كدهم ولا بحولهم وقوتهم، ولهذا قال تعالى: { أَفَلاَ يَشْكُرُونَ } أي فهلا يشكرونه على ما أنعم به عليهم من هذه النعم التي لا تعد ولا تحصى، واختار ابن جرير أن (ما) في قوله تعالى: { وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ } بمعنى (الذي) تقديره: ليأكلوا من ثمره ومما عملته أيديهم، أي غرسوه ونصبوه، قال: وهي كذلك في قراءة ابن مسعود رضي الله تعالى عنه: { لِيَأْكُلُواْ مِن ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلاَ يَشْكُرُونَ } ، ثم قال تبارك وتعالى: { سُبْحَانَ ٱلَّذِي خَلَق ٱلأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنبِتُ ٱلأَرْضُ } أي من زروع وثمار ونبات، { وَمِنْ أَنفُسِهِمْ } فجعلهم ذكراً وأنثى { وَمِمَّا لاَ يَعْلَمُونَ } أي من مخلوقات شتى لا يعرفونها كما قال جلت عظمته:وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ } [الذاريات: 49].