الرئيسية - التفاسير


* تفسير مختصر تفسير ابن كثير/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق


{ وَجَآءَ مِنْ أَقْصَا ٱلْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَىٰ قَالَ يٰقَوْمِ ٱتَّبِعُواْ ٱلْمُرْسَلِينَ } * { ٱتَّبِعُواْ مَن لاَّ يَسْأَلُكُمْ أَجْراً وَهُمْ مُّهْتَدُونَ } * { وَمَا لِيَ لاَ أَعْبُدُ ٱلَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } * { أَأَتَّخِذُ مِن دُونِهِ آلِهَةً إِن يُرِدْنِ ٱلرَّحْمَـٰنُ بِضُرٍّ لاَّ تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئاً وَلاَ يُنقِذُونَ } * { إِنِّيۤ إِذاً لَّفِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } * { إِنِّيۤ آمَنتُ بِرَبِّكُمْ فَٱسْمَعُونِ }

قال وهب بن منبه: إن أهل القرية هموا بقتل رسلهم، فجاءهم رجل من أقصى المدينة يسعى لينصرهم من قومه، قالوا: وهو (حبيب) وكان يعمل الحرير وهو الحباك، وكان رجلاً سقيماً قد أسرع فيه الجذام، وكان كثير الصدقة يتصدق بنصف كسبه مستقيم الفطرة، وقال ابن عباس: اسم صاحب يس (حبيب النجار) فقتله قومه، وقال السدي: كان قصاراً، وقال قتادة: كان يتعبد في غار هناك، { قَالَ يٰقَوْمِ ٱتَّبِعُواْ ٱلْمُرْسَلِينَ } يحض قومه على اتباع الرسل الذين أتوهم { ٱتَّبِعُواْ مَن لاَّ يَسْأَلُكُمْ أَجْراً } أي على إبلاغ الرسالة { وَهُمْ مُّهْتَدُونَ } فيما يدعونكم إليه من عبادة الله وحده لا شريك له، { وَمَا لِيَ لاَ أَعْبُدُ ٱلَّذِي فَطَرَنِي } أي وما يمنعني من إخلاص العبادة للذي خلقني وحده لا شريك له، { وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } أي يوم المعاد فيجازيكم على أعمالكم إن خيراً فخير وإن شراً فشر، { أَأَتَّخِذُ مِن دُونِهِ آلِهَةً }؟ استفهام إنكار وتوبيخ وتقريع { إِن يُرِدْنِ ٱلرَّحْمَـٰنُ بِضُرٍّ لاَّ تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئاً وَلاَ يُنقِذُونَ } أي هذه الآلهة التي تعبدونها من دونه، لا يملكون من الأمر شيئاً، فإن الله تعالى لو أرادني بسوء،فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ } [الأنعام: 17]، وهذه الأصنام لا تملك دفع ذلك ولا منعه، ولا ينقذونني مما أنا فيه { إِنِّيۤ إِذاً لَّفِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } أي إن اتخذتها آلهة من دون الله، وقوله تعالى: { إِنِّيۤ آمَنتُ بِرَبِّكُمْ فَٱسْمَعُونِ } قال ابن إسحاق: يقول لقومه: { إِنِّيۤ آمَنتُ بِرَبِّكُمْ } الذي كفرتم به { فَٱسْمَعُونِ } أي فاسمعوا قولي، ويحتمل أن يكون خطابه للرسل بقوله: { إِنِّيۤ آمَنتُ بِرَبِّكُمْ } أي الذي أرسلكم { فَٱسْمَعُونِ } أي فاشهدوا لي بذلك عنده، وقد حكاه ابن جرير فقال: وقال آخرون: بل خاطب بذلك الرسل وقال لهم: اسمعوا قولي لتشهدوا لي بما أقول لكم عند ربي، إني آمنت بربكم واتبعتكم، وهذا القول أظهر في المعنى والله أعلم، قال ابن إسحاق فيما بلغه عن ابن عباس: فلما قال ذلك وثبوا عليه وثبة رجل واحد فقتلوه، ولم يكن له أحد يمنع عنه، وقال قتادة: جعلوا يرجمونه بالحجارة وهو يقول: اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون، فلم يزالوا به حتى أقعصوه، وهو يقول كذلك، فقتلوه رحمه الله.