الرئيسية - التفاسير


* تفسير مختصر تفسير ابن كثير/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق


{ قُلْ إِنَّمَآ أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَن تَقُومُواْ لِلَّهِ مَثْنَىٰ وَفُرَادَىٰ ثُمَّ تَتَفَكَّرُواْ مَا بِصَاحِبِكُمْ مِّن جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلاَّ نَذِيرٌ لَّكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ }

يقول تبارك وتعالى: قل يا محمد لهؤلاء الكافرين الزاعمين أنك مجنون: { إِنَّمَآ أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ } أي إنما آمركم بواحدة، وهي { أَن تَقُومُواْ لِلَّهِ مَثْنَىٰ وَفُرَادَىٰ ثُمَّ تَتَفَكَّرُواْ مَا بِصَاحِبِكُمْ مِّن جِنَّةٍ } أي تقوموا قياماً خالصاً لله عزَّ وجلَّ من غير هوى ولا عصبية فيسأل بعضكم بعضاً: هل بمحمد من جنون؟ فينصح بعضكم بعضاً، { ثُمَّ تَتَفَكَّرُواْ } أي ينظر الرجل لنفسه في أمر محمد صلى الله عليه وسلم، ويسأل غيره من الناس عن شأنه إن أشكل عليه ويتفكر في ذلك، ولهذا قال تعالى: { أَن تَقُومُواْ لِلَّهِ مَثْنَىٰ وَفُرَادَىٰ ثُمَّ تَتَفَكَّرُواْ مَا بِصَاحِبِكُمْ مِّن جِنَّةٍ } ، وقوله تعالى: { إِنْ هُوَ إِلاَّ نَذِيرٌ لَّكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ } ، قال البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: " صعد النبي صلى الله عليه وسلم الصفا ذات يوم فقال: " يا صباحاه " فاجتمعت إليه قريش فقالوا: مالك؟ فقال: " أرأيتم لو أخبرتكم أن العدو يصبحكم أو يمسيكم أما كنتم تصدقوني " قالوا: بلى؟ قال صلى الله عليه وسلم: " فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد " ، فقال أبو لهب: تباً لك ألهذا جمعتنا؟ فأنزل الله عزَّ وجلَّ: { تَبَّتْ يَدَآ أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ } " [المسد: 1]، وقد تقدم عند قوله تعالى:وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ ٱلأَقْرَبِينَ } [الشعراء: 214]. وقال الإمام أحمد عن عبد الله بن بريدة عن أبيه رضي الله عنه قال: " خرج إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً فنادى ثلاث مرات فقال: " أيها الناس تدرون ما مثلي ومثلكم "؟ قالوا: الله تعالى ورسوله أعلم، قال صلى الله عليه وسلم: " إنما مثلي ومثلكم مثل قوم خافوا عدواً يأتيهم، فبعثوا رجلاً يتراءى لهم، فبينما هو كذلك أبصر العدو، فأقبل لينذرهم وخشي أن يدركه العدو قبل أن ينذر قومه فأهوى بثوبه: أيها الناس أوتيتم، أيها الناس أوتيتم " ثلاث مرات ".