الرئيسية - التفاسير


* تفسير مختصر تفسير ابن كثير/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق


{ قُلْ مَن يَرْزُقُكُمْ مِّنَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ قُلِ ٱللَّهُ وَإِنَّآ أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَىٰ هُدًى أَوْ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } * { قُل لاَّ تُسْأَلُونَ عَمَّآ أَجْرَمْنَا وَلاَ نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ } * { قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِٱلْحَقِّ وَهُوَ ٱلْفَتَّاحُ ٱلْعَلِيمُ } * { قُلْ أَرُونِيَ ٱلَّذيِنَ أَلْحَقْتُمْ بِهِ شُرَكَآءَ كَلاَّ بَلْ هُوَ ٱللَّهُ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحْكِيمُ }

يقول تعالى مقرراً تفرده بالخلق والرزق، وانفراده بالإلٰهية أيضاً، فكما كانوا يعترفون بأنهم لا يرزقهم من السماء والأرض إلا الله، فكذلك فليعلموا أنه لا إلٰه غيره، وقوله تعالى: { وَإِنَّآ أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَىٰ هُدًى أَوْ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } أي واحد من الفريقين مبطل، والآخر محق، لا سبيل إلى أن تكونوا أنتم ونحن على الهدى أو على الضلال، بل واحد منا مصيب، ونحن قد أقمنا البرهان على التوحيد فدل على بطلان ما أنتم عليه من الشرك بالله تعالى، ولهذا قال: { وَإِنَّآ أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَىٰ هُدًى أَوْ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } قال قتادة قد قال ذلك أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم للمشركين، والله ما نحن وإياكم على أمر واحد، إنَّ أحد الفريقين لمهتد. وقال عكرمة: معناها إنا نحن لعلى هدى وإنكم لفي ضلال مبين، وقوله تعالى: { قُل لاَّ تُسْأَلُونَ عَمَّآ أَجْرَمْنَا وَلاَ نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ } معناه التبري منهم أي لستم منا ولا نحن منكم، بل ندعوكم إلى الله تعالى وإلى توحيده وإفراد العبادة له، فإن أجبتم فأنتم منا ونحن منكم، وإن كذبتم فنحن برآء منكم وأنتم برآء منا كما قال تعالى:وَإِن كَذَّبُوكَ فَقُل لِّي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنتُمْ بَرِيۤئُونَ مِمَّآ أَعْمَلُ وَأَنَاْ بَرِيۤءٌ مِّمَّا تَعْمَلُونَ } [يونس: 41]، وقوله تعالى: { قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا } أي يوم القيامة يجمع بين الخلائق في صعيد واحد { ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِٱلْحَقِّ } أي يحكم بيننا بالعدل، فيجزي كل عامل بعمله، إن خيراً فخير وإن شراً فشر، وستعلمون يومئذ لمن العزة والنصرة والسعادة الأبدية، كما قال تعالى:وَيَوْمَ تَقُومُ ٱلسَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ } [الروم: 14]، ولهذا قال عزَّ وجلَّ: { وَهُوَ ٱلْفَتَّاحُ ٱلْعَلِيمُ } أي الحاكم العادل العالم بحقائق الأمور، وقوله تبارك وتعالى: { قُلْ أَرُونِيَ ٱلَّذيِنَ أَلْحَقْتُمْ بِهِ شُرَكَآءَ } أي أروني هذه الآلهة التي جعلتموها لله أنداداً وصيرتموها له عدلاً، { كَلاَّ } أي ليس له نظير ولا نديد ولا شريك ولا عديل، ولهذا قال تعالى: { بَلْ هُوَ ٱللَّهُ } أي الواحد الأحد الذي لا شريك له، { ٱلْعَزِيزُ ٱلْحْكِيمُ } أي ذو العزة الذي قد قهر بها كل شيء، وغلبت كل شيء، { ٱلْحْكِيمُ } في أفعاله وأقواله وشرعه وقدره، تبارك وتعالى وتقدس عما يقولون علواً كبيراً.