الرئيسية - التفاسير


* تفسير مختصر تفسير ابن كثير/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق


{ إِنَّ ٱلَّذِينَ يُؤْذُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ ٱللَّهُ فِي ٱلدُّنْيَا وَٱلآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً مُّهِيناً } * { وَٱلَّذِينَ يُؤْذُونَ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا ٱكْتَسَبُواْ فَقَدِ ٱحْتَمَلُواْ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً }

يقول تعالى متهدداً ومتوعداً من آذاه، بمخالفة أوامره وارتكاب زواجره، وإيذاء رسوله بعيب أو بنقص ـ عياذاً بالله من ذلك ـ قال عكرمة { إِنَّ ٱلَّذِينَ يُؤْذُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ } نزلت في المصورين، وفي " الصحيحين " عن أبي هريرة قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يقول الله عزَّ وجلَّ: يؤذيني ابن آدم، يسب الدهر، وأنا الدهر أقلب ليله ونهاره " ومعنى هذا أن الجاهلية كانوا يقولون: يا خيبة الدهر، فعل بنا كذا وكذا، فيسندون أفعال الله تعالى إلى الدهر ويسبونه، وإنما الفاعل لذلك هو الله عزَّ وجلَّ فنهى عن ذلك، وقال ابن عباس في قوله تعالى: { إِنَّ ٱلَّذِينَ يُؤْذُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ } نزلت في الذين طعنوا على النبي صلى الله عليه وسلم في تزويجه صفية بنت حيي بن أخطب، والظاهر أن الآية عامة في كل من آذاه بشيء، ومن آذاه فقد آذى الله كما أن من أطاعه فقد أطاع الله، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الله الله في أصحابي لا تتخذوهم غرضاً بعدي، فمن أحبهم فبحبي أحبهم، ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم، ومن آذاهم فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله، ومن آذى الله يوشك أن يأخذه " وقوله تعالى: { وَٱلَّذِينَ يُؤْذُونَ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا ٱكْتَسَبُواْ } أي ينسبون إليهم ما هم برآء منه لم يعملوه ولم يفعلوه { فَقَدِ ٱحْتَمَلُواْ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً } وهذا هو البهت الكبير أن يحكى أو ينقل عن المؤمنين والمؤمنات ما لم يفعلوه على سبيل العيب والتنقص لهم، ومن أكثر من يدخل في هذا الوعيد الرافضة الذين يتنقصون الصحابة، ويعيبونهم بما قد برأهم الله منه، ويصفونهم بنقيض ما أخبر الله عنهم، فإن الله عزَّ وجلَّ قد أخبر أنه قد رضي عن المهاجرين والأنصار ومدحهم، وهؤلاء الجهلة الأغبياء يسبونهم ويتنقصونهم، ويذكرون عنهم ما لم يكن ولا فعلوه أبداً، فهم في الحقيقة منكسو القلوب، يذمون الممدوحين ويمدحون المذمومين، وقد روي " عن عائشة رضي الله عنها قالت، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: " أي الربا أربى عند الله "؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: " أربى الربا عند الله استحلال عرض امرىء مسلم " ثم قرأ: { وَٱلَّذِينَ يُؤْذُونَ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا ٱكْتَسَبُواْ فَقَدِ ٱحْتَمَلُواْ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً } ".