الرئيسية - التفاسير


* تفسير مختصر تفسير ابن كثير/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ إِنَّآ أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ ٱللاَّتِيۤ آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّآ أَفَآءَ ٱللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالاَتِكَ ٱللاَّتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ وَٱمْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ ٱلنَّبِيُّ أَن يَسْتَنكِحَهَا خَالِصَةً لَّكَ مِن دُونِ ٱلْمُؤْمِنِينَ قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِيۤ أَزْوَاجِهِـمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ لِكَيْلاَ يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً }

يقول تعالى مخاطباً نبيه صلى الله عليه وسلم، بأنه قد أحل له من النساء أزواجه اللاتي أعطاهن مهورهن وهي الأجور هٰهنا كما قاله مجاهد وغير واحد، وقد كان مهره لنسائه اثنتي عشرة أوقية ونصف، فالجميع خمسمائة درهم إلا (أم حبيبة بنت أبي سفيان) فإنه أمهرها عنه النجاشي رحمه الله تعالى أربعمائة دينار، وإلا (صفية بنت حيي) فإنه اصطفاها من سبي خيبر، ثم أعتقها وجعل عتقها صداقها، وكذلك (جويرية بنت الحارث) المصطلقية أدى عنها كتابتها إلى ثابت بن قيس بن شماس وتزوجها ـ رضي الله عنهن أجمعين ـ وقوله تعالى: { وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّآ أَفَآءَ ٱللَّهُ عَلَيْكَ } أي وأباح لك التسري مما أخذت من المغانم، وقد ملك صفية وجويرية فأعتقهما وتزوجهما، وملك ريحانة بنت شمعون النضرية، ومارية القبطية أم ابنه إبراهيم عليهما السلام، وكانتا من السراري رضي الله عنهما. وقوله تعالى: { وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالاَتِكَ } الآية، كان النصارى لا يتزوجون المرأة إلا إذا كان الرجل بينه وبينها سبعة أجداد فصاعداً، واليهود يتزوج أحدهم بنت أخيه وبنت أخته، فجاءت هذه الشريعة الكاملة الطاهرة بهدم إفراط النصارى، فأباح بنت العم والعمة، وبنت الخال والخالة، وحرم ما فرطت فيه اليهود من إباحة بنت الأخ والأخت وهذا شنيع فظيع، روى ابن أبي حاتم عن أم هانىء قالت: خطبني رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعتذرت إليه فعذرني، ثم أنزل الله تعالى: { إِنَّآ أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ ٱللاَّتِيۤ آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّآ أَفَآءَ ٱللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالاَتِكَ ٱللاَّتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ } قالت: فلم أكن أحل له، ولم أكن ممن هاجر معه، كنت من الطلقاء، وقال قتادة: المراد من هاجر معه إلى المدينة، وفي رواية عنه { ٱللاَّتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ } أي أسلمن، وقوله تعالى: { وَٱمْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ ٱلنَّبِيُّ أَن يَسْتَنكِحَهَا خَالِصَةً لَّكَ } أي ويحل لك أيها النبي المرأة المؤمنة، إن وهبت نفسها لك أن تتزوجها بغير مهر إن شئت ذلك، عن سهل بن سعد الساعدي " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءته امرأة فقالت: يا رسول الله إني قد وهبت نفسي لك، فقامت قياماً طويلاً، فقام رجل فقال: يا رسول الله زوجنيها إن لم يكن لك بها حاجة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " هل عندك من شيء تصدقها إياه "؟ فقال: ما عندي إلا إزاري هذا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن أعطيتها إزارك جلست لا إزار لك فالتمس شيئاً " فقال: لا أجد شيئاً، فقال: " التمس ولو خاتماً من حديد " فالتمس فلم يجد شيئاً، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: " هل معك من القرآن شيء "؟ قال: نعم سورة كذا وسورة كذا ـ السور يسميها ـ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: " زوجتكها بما معك من القرآن " ".


السابقالتالي
2