الرئيسية - التفاسير


* تفسير مختصر تفسير ابن كثير/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق


{ لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ ٱللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُواْ ٱللَّهَ وَٱلْيَوْمَ ٱلآخِرَ وَذَكَرَ ٱللَّهَ كَثِيراً } * { وَلَمَّا رَأَى ٱلْمُؤْمِنُونَ ٱلأَحْزَابَ قَالُواْ هَـٰذَا مَا وَعَدَنَا ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلاَّ إِيمَاناً وَتَسْلِيماً }

هذه الآية الكريمة أصل كبير في التأسي برسول الله صلى الله عليه وسلم، في أقواله وأفعاله وأحواله، ولهذا أمر تبارك وتعالى الناس بالتأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم في صبره ومصابرته ومرابطته ومجاهدته، ولهذا قال تعالى للذين تضجروا وتزلزلوا واضطربوا في أمرهم يوم الأحزاب: { لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ ٱللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ } أي هلا اقتديتم به وتأسيتم بشمائله صلى الله عليه وسلم، ولهذا قال تعالى: { لِّمَن كَانَ يَرْجُواْ ٱللَّهَ وَٱلْيَوْمَ ٱلآخِرَ وَذَكَرَ ٱللَّهَ كَثِيراً } ثم قال تعالى مخبراً عن عباده المؤمنين، المصدقين بموعود الله لهم، وجعله العاقبة لهم في الدنيا والآخرة، فقال تعالى: { وَلَمَّا رَأَى ٱلْمُؤْمِنُونَ ٱلأَحْزَابَ قَالُواْ هَـٰذَا مَا وَعَدَنَا ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ } قال ابن عباس: يعنون قوله تعالى في سورة البقرة:مَّسَّتْهُمُ ٱلْبَأْسَآءُ وَٱلضَّرَّآءُ وَزُلْزِلُواْ حَتَّىٰ يَقُولَ ٱلرَّسُولُ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَىٰ نَصْرُ ٱللَّهِ أَلاۤ إِنَّ نَصْرَ ٱللَّهِ قَرِيبٌ } [البقرة: 214] أي هذا ما وعدنا الله ورسوله من الابتلاء والاختيار والامتحان الذي يعقبه النصر القريب، ولهذا قال تعالى: { وَصَدَقَ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ } ، وقوله تعالى: { وَمَا زَادَهُمْ إِلاَّ إِيمَاناً وَتَسْلِيماً } دليل على زيادة الإيمان وقوته بالنسبة إلى الناس وأحوالهم، ومعنى قوله جلت عظمته: { وَمَا زَادَهُمْ } أي ذلك الحال والضيق والشدة { إِلاَّ إِيمَاناً } بالله، { وَتَسْلِيماً } أي انقياداً لأوامره وطاعة لرسوله صلى الله عليه وسلم.