يخبر تعالى عن إحاطة علمه بالمعوقين لغيرهم من شهود الحرب، والقائلين لإخوانهم أي أصحابهم وعشرائهم وخلطائهم { هَلُمَّ إِلَيْنَا } أي إلى ما نحن فيه من الإقامة في الظلال والثمار وهم مع ذلك { وَلاَ يَأْتُونَ ٱلْبَأْسَ إِلاَّ قَلِيلاً * أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ } أي بخلاء بالمودة والشفقة عليكم، وقال السدي { أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ } أي في الغنائم، { فَإِذَا جَآءَ ٱلْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَٱلَّذِي يُغْشَىٰ عَلَيْهِ مِنَ ٱلْمَوْتِ } أي من شدة خوفه وجزعه، وهكذا خوف هؤلاء الجبناء من القتال { فَإِذَا ذَهَبَ ٱلْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ } أي فإذا كان الأمن تكلموا كلاماً فصيحاً عالياً، وادعوا لأنفسهم الشجاعة والنجدة، وهم يكذبون في ذلك، قال ابن عباس: { سَلَقُوكُمْ } أي استقبلوكم، وقال قتادة: أما عند الغنيمة فأشح قوم وأسوأه مقاسمة أعطونا أعطونا، قد شهدنا معكم، وأما عند البأس فأجبن قوم وأخذله للحق، وهم مع ذلك { أَشِحَّةً عَلَى ٱلْخَيْرِ } أي ليس فيهم خير قد جمعوا الجبن والكذب وقلة الخير، فهم كما قال في أمثالهم الشاعر:
أفي السلم أعيار جفاء وغلظة
وفي الحرب أمثال النساء العوارك؟
أي في حال المسألة كأنهم الحمر، وفي الحرب كأنهم النساء الحيض، ولهذا قال تعالى: { أوْلَـٰئِكَ لَمْ يُؤْمِنُواْ فَأَحْبَطَ ٱللَّهُ أَعْمَالَهُمْ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيراً } أي سهلاً هيناً عنده.