الرئيسية - التفاسير


* تفسير مختصر تفسير ابن كثير/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق


{ إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا ٱلَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُواْ بِهَا خَرُّواْ سُجَّداً وَسَبَّحُواْ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ } * { تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ ٱلْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ } * { فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّآ أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَآءً بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ }

يقول تعالى: { إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا } أي إنما يصدق بها { ٱلَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُواْ بِهَا خَرُّواْ سُجَّداً } أي استمعوا لها وأطاعوها قولاً وفعلاً، { وَسَبَّحُواْ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ } أي عن اتباعها والانقياد لها، كما يفعله الجهلة من الكفرة الفجرة، قال الله تعالى:إِنَّ ٱلَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ } [غافر: 60]، ثم قال تعالى: { تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ ٱلْمَضَاجِعِ } يعني بذلك قيام الليل وترك النوم، والاضطجاع على الفرش الوطيئة، قال مجاهد والحسن: يعني بذلك قيام الليل، وعن أنس وعكرمة: هو الصلاة بين العشاءين، وعن أنس أيضاً: هو انتظار صلاة العتمة، وقال الضحاك: هو صلاة العشاء في جماعة وصلاة الغداة في جماعة { يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً } أي خوفاً من وبال عقابه، وطمعاً في جزيل ثوابه { وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ } فيجمعون بين فعل القربات اللازمة والمتعدية، عن معاذ بن جبل قال: " كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر، فأصبحت يوماً قريباً منه ونحن نسير، فقلت: يا نبي الله أخبرني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني من النار قال: " لقد سألت عن عظيم وإنه ليسير على من يسره الله عليه، تعبد الله ولا تشرك به شيئاً، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت، ثم قال: ألا أدلك على أبواب الخير؟ الصوم جنة، والصدقة تطفىء الخطيئة، وصلاة الرجل في جوف الليل - ثم قرأ - { تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ ٱلْمَضَاجِعِ } حتى بلغ { جَزَآءً بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } ، ثم قال: ألا أخبرك برأس الأمر وعموده وذروة سنامه؟ " فقلت: بلى يا رسول الله، فقال: " رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله، ثم قال: ألا أخبرك بملاك ذلك كله "؟ فقلت: بلى يا نبي الله، فأخذ بلسانه ثم قال: " كفَّ عليك هذا " فقلت: يا رسول الله وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به، فقال: ثكلتك أمك يا معاذ وهل يكب الناس في النار على وجوههم ـ أو قال على مناخرهم ـ إلاّ حصائد ألسنتهم ".

وروى ابن أبي حاتم، عن معاذ بن جبل قال: " كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك فقال: " إن شئت نبأتك بأبواب الخير، الصوم جنة والصدقة تطفىء الخطيئة وقيام الرجل في جوف الليل " ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم: { تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ ٱلْمَضَاجِعِ } الآية، وعن أسماء بنت يزيد قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا جمع الله الأولين والآخرين يوم القيامة، جاء مناد فنادى بصوت يسمع الخلائق " سيعلم أهل الجمع اليوم من أولى بالكرم " ثم يرجع فينادي: ليقم الذين كانت تتجافى جنوبهم عن المضاجع - الآية - فيقومون وهم قليل "

السابقالتالي
2