الرئيسية - التفاسير


* تفسير مختصر تفسير ابن كثير/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق


{ وَمِنْ آيَاتِهِ أَن يُرْسِلَ ٱلرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ وَلِيُذِيقَكُمْ مِّن رَّحْمَتِهِ وَلِتَجْرِيَ ٱلْفُلْكُ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } * { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ رُسُلاً إِلَىٰ قَوْمِهِمْ فَجَآءُوهُم بِٱلْبَيِّنَاتِ فَٱنتَقَمْنَا مِنَ ٱلَّذِينَ أَجْرَمُواْ وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ ٱلْمُؤْمِنينَ }

يذكر تعالى نعمه على خلقه، في إرساله الرياح مبشرات بين يدي رحمته، بمجيء الغيث عقبها، ولهذا قال تعالى: { وَلِيُذِيقَكُمْ مِّن رَّحْمَتِهِ } أي المطر الذي ينزله فيحيي به العباد والبلاد، { وَلِتَجْرِيَ ٱلْفُلْكُ بِأَمْرِهِ } أي في البحر وإنما سيرها بالريح { وَلِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ } أي في التجارات والمعايش والسير من قطر إلى قطر، { وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } أي تشكرون الله على ما أنعم به عليكم، من النعم الظاهرة والباطنة التي لا تعد ولا تحصى، ثم قال تعالى: { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ رُسُلاً إِلَىٰ قَوْمِهِمْ فَجَآءُوهُم بِٱلْبَيِّنَاتِ فَٱنتَقَمْنَا مِنَ ٱلَّذِينَ أَجْرَمُواْ } هذه تسلية من الله تعالى لعبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم، بأنه وإن كذبه كثير من قومه، فقد كذبت الرسل المتقدمون، مع ما جاءوا أممهم من الدلائل الواضحات، ولكن انتقم الله ممن كذبهم وخالفهم، وأنجى المؤمنين بهم، { وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ ٱلْمُؤْمِنينَ } أي هو حق أوجبه على نفسه الكريمة تكرماً وتفضلاً، كقوله تعالى:كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَىٰ نَفْسِهِ ٱلرَّحْمَةَ } [الأنعام: 54]، عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " ما من امرىء مسلم يرد عن عرض أخيه إلاّ كان حقاً على الله أن يرد عنه نار جهنم يوم القيامة " ثم تلا هذه الآية: { وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ ٱلْمُؤْمِنينَ }.