الرئيسية - التفاسير


* تفسير مختصر تفسير ابن كثير/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق


{ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ ٱللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً أُوْلَـٰئِكَ لاَ خَلاَقَ لَهُمْ فِي ٱلآخِرَةِ وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ ٱللَّهُ وَلاَ يَنظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }

يقول تعالى: إن الذين يعتاضون عما عاهدوا الله عليه، من اتباع محمد صلى الله عليه وسلم وذكر صفته للناس وبيان أمره، وعن أيمانهم الكاذبة الفاجرة الآثمة، بالأثمان القليلة الزهيدة، وهي عروض هذه الحياة الدنيا الفانية الزائلة، { أُوْلَـٰئِكَ لاَ خَلاَقَ لَهُمْ فِي ٱلآخِرَةِ } أي لا نصيب لهم فيها ولا حظ لهم منها، { وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ ٱللَّهُ وَلاَ يَنظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ } أي برحمة منه لهم، يعني لا يكلمهم الله كلام لطف بهم ولا ينظر إليهم بعين الرحمة، { وَلاَ يُزَكِّيهِمْ } أي من الذنوب والأدناس، بل يأمر بهم إلى النار، { وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } ، وقد وردت أحاديث تتعلق بهذه الآية الكريمة فلنذكر منها ما تيسر.

الحديث الأول: عن أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " " ثلاثة لا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم " ، قلت: يا رسول الله من هم؟ خسروا وخابوا، قال: وأعاده رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات قال: " المسبل، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب، والمنان " ".

الحديث الثاني: عن عدي بن عميرة الكِندي قال: " خاصم رجل من كِنْدة يُقال له امرؤ القيس بن عامر رجلاً من حضرموت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في أرض، فقضى على الحضرمي بالبيّنة فلم يكن له بيّنة، فقضى على امرىء القيس باليمين، فقال الحضرمي: أمكنته من اليمين يا رسول الله؟ ذهبت ورب الكعبة أرضي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " من حلف على يمين كاذبة ليقتطع بها مال أحد لقي الله عزّ وجلّ وهو عليه غضبان " ، وتلا رسول الله صلى الله عليه وسلم: { إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ ٱللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً } ، فقال امرؤ القيس: ماذا لمن تركها يا رسول الله؟ فقال: " الجنة " ، قال: فاشهد أني قد تركتها له كلها ".

الحديث الثالث: عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من اقتطع مال امرىء مسلم بغير حق لقي الله وهو عليه غضبان " ، قال: فجاء الأشعث بن قيس فقال: ما يحدثكم أبو عبد الرحمٰن؟ فحدثناه فقال: كان في هذا الحديث، " خاصمت ابن عم لي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في بئر كانت لي في يده فجحدني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " بينتك أنها بئرك وإلا فيمينه " ، قال: قلت: يا رسول الله ما لي بينة، وإن تجعلها بيمينه تذهب بئري، إن خصمي امرؤ فاجر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من اقتطع مال امرىء مسلم بغير حق لقي الله وهو عليه غضبان " ، قال: وقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية: { إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ ٱللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً } "

السابقالتالي
2