الرئيسية - التفاسير


* تفسير مختصر تفسير ابن كثير/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق


{ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِٱلْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ ٱلْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ ٱلْكِتَابِ لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ مِّنْهُمُ ٱلْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ ٱلْفَاسِقُونَ } * { لَن يَضُرُّوكُمْ إِلاَّ أَذًى وَإِن يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ ٱلأَدْبَارَ ثُمَّ لاَ يُنصَرُونَ } * { ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ ٱلذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوۤاْ إِلاَّ بِحَبْلٍ مِّنَ ٱللَّهِ وَحَبْلٍ مِّنَ ٱلنَّاسِ وَبَآءُوا بِغَضَبٍ مِّنَ ٱللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ ٱلْمَسْكَنَةُ ذٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُواْ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ ٱللَّهِ وَيَقْتُلُونَ ٱلأَنْبِيَآءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذٰلِكَ بِمَا عَصَوْاْ وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ }

يخبر تعالى عن هذه الأمة المحمدية بأنهم خير الأمم، قال البخاري: عن أبي هريرة رضي الله عنه: { كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ } ، قال: خير الناس، تأتون بهم في السلاسل في أعناقهم حتى يدخلوا في الإسلام، والمعنى: أنهم خير الأمم وأنفع الناس للناس، ولهذا قال: { تَأْمُرُونَ بِٱلْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ ٱلْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ } ، قال الإمام أحمد: قام رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر فقال: يا رسول الله أي الناس خير؟ قال: " خير الناس أقرأهم وأتقاهم لله وآمرهم بالمعروف وأنهاهم عن المنكر وأوصلهم للرحم " وعن ابن عباس في قوله تعالى: { كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ } قال: هم الذين هاجروا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة. والصحيح أن هذه الآية عامة في جميع الأمة كل قرن بحسبه، وخير قرونهم الذين بعث فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، كما قال في الآية الأخرى:وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً } [البقرة: 143] أي خياراًلِّتَكُونُواْ شُهَدَآءَ عَلَى ٱلنَّاسِ } [البقرة: 143] الآية.

وفي مسند أحمد وجامع الترمذي من رواية حكيم بن معاوية بن حيدة عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أنتم توفون سبعين أمة أنتم خيرها وأكرمها على الله عزّ وجلّ " ، وهو حديث مشهور، وقد حسنَّه الترمذي، وإنما حازت هذه الأمة قصب السبق إلى الخيرات، بنبيها محمد صلوات الله وسلامه عليه، فإنه أشرف خلق الله وأكرم الرسل على الله، وبعثه الله بشرع كامل عظيم، لم يعطه نبي قبله ولا رسول من الرسل، فالعمل على منهاجه وسبيله، يقوم القليل منه ما لا يقوم العمل الكثير من أعمال غيرهم مقامه، وفي الحديث: " وجعلت أمتي خير الأمم ".

وقد وردت أحاديث يناسب ذكرها هٰهنا: عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أعطيت سبعين ألفاً يدخلون الجنة بغير حساب وجوههم كالقمر ليلة البدر، قلوبهم على قلب رجل واحد، فاستزدت ربي فزادني مع كل واحد سبعين ألفاً " ، فقال أبو بكر رضي الله عنه: فرأيت أن ذلك آت على أهل القرى ومصيب من حافات البوادي.

حديث آخر: قال الإمام أحمد، عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: " عرضت عليّ الأمم بالموسم فراثت عليّ أمتي، ثم رأيتهم فأعجبتني كثرتهم وهيئتهم، قد ملؤا السهل والجبل، فقال: أرضيت يا محمد؟ فقلت: نعم! قال: فإن مع هؤلاء سبعين ألفاً يدخلون الجنة بغير حساب وهم الذين لا يسترقون ولا يتطيرون، وعلى ربهم يتوكلون " ، فقام عكاشة بن محصن فقال: يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم، فقال: " أنت منهم " ، فقام رجل آخر فقال: ادع الله أن يجعلني منهم، فقال: " سبقك بها عكاشة " ".


السابقالتالي
2 3 4 5