الرئيسية - التفاسير


* تفسير مختصر تفسير ابن كثير/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق


{ خَلَقَ ٱللَّهُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ بِٱلْحَقِّ إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَةً لِّلْمُؤْمِنِينَ } * { ٱتْلُ مَا أُوْحِيَ إِلَيْكَ مِنَ ٱلْكِتَابِ وَأَقِمِ ٱلصَّلاَةَ إِنَّ ٱلصَّلاَةَ تَنْهَىٰ عَنِ ٱلْفَحْشَآءِ وَٱلْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ ٱللَّهِ أَكْبَرُ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ }

يقول تعالى مخبراً عن قدرته العظيمة أنه خلق السماوات والأرض بالحق، يعني لا على وجه العبث واللعبلِتُجْزَىٰ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَىٰ } [طه: 15]،لِيَجْزِيَ ٱلَّذِينَ أَسَاءُواْ بِمَا عَمِلُواْ وَيِجْزِيَ ٱلَّذِينَ أَحْسَنُواْ بِٱلْحُسْنَى } [النجم: 31]، وقوله تعالى: { إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَةً لِّلْمُؤْمِنِينَ } أي لدلالة واضحة على أنه تعالى المتفرد بالخلق والتدبير والإلٰهية، ثم قال تعالى آمراً رسوله والمؤمنين بتلاوة القرآن وهو قراءته وإبلاغه للناس، { وَأَقِمِ ٱلصَّلاَةَ إِنَّ ٱلصَّلاَةَ تَنْهَىٰ عَنِ ٱلْفَحْشَآءِ وَٱلْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ ٱللَّهِ أَكْبَرُ } يعني أن الصلاة تشتمل على شيئين على ترك الفواحش والمنكرات، أي مواظبتها تحمل على ترك ذلك، وقد جاء في الحديث عن ابن عباس مرفوعاً: " من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر لم تزده من الله إلاّ بعداً ".

(ذكر الآثار الواردة في ذلك)

روى ابن أبي حاتم عن عمران بن حصين قال: " سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن قول الله { إِنَّ ٱلصَّلاَةَ تَنْهَىٰ عَنِ ٱلْفَحْشَآءِ وَٱلْمُنْكَرِ }؟ قال: " من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر فلا صلاة له " " ، وعن ابن عباس، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر لم يزدد بها من الله إلاّ بعداً " وروى الحافظ أبو بكر البزار قال، " قال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم: إن فلاناً يصلي بالليل فإذا أصبح سرق، قال: إنه سينهاه ما تقول " ، وتشتمل الصلاة أيضاً على ذكر الله تعالى وهو المطلوب الأكبر، ولهذا قال تعالى: { وَلَذِكْرُ ٱللَّهِ أَكْبَرُ } أي أعظم من الأول { وَٱللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ } أي يعلم جميع أعمالكم وأقوالكم، وقال أبو العالية: إن الصلاة فيها ثلاث خصال، فكل صلاة لا يكون فيها شيء من هذه الخلال فليست بصلاة: الإخلاص، والخشية، وذكر الله، فالإخلاص يأمره بالمعروف، والخشية تنهاه عن المنكر، وذكر الله (القرآن) يأمره وينهاه، وقال ابن عون الأنصاري: إذا كنت في صلاة فأنت في معروف وقد حجزتك عن الفحشاء والمنكر والذي أنت فيه من ذكر الله أكبر، وعن ابن عباس في قوله تعالى: { وَلَذِكْرُ ٱللَّهِ أَكْبَرُ } يقول: ولذكر الله لعباده أكبر إذا ذكروه من ذكرهم إياه.وعنه أيضاً قال: لها وجهان: ذكر الله عندما حرمه، قال: وذكر الله إياكم أعظم من ذكركم إياه، وعن عبد الله بن ربيعة قال، قال لي ابن عباس: هل تدري ما قوله تعالى: { وَلَذِكْرُ ٱللَّهِ أَكْبَرُ }؟ قال، قلت: نعم، قال: فما هو؟ قلت: التسبيح والتحميد والتكبير في الصلاة وقراءة القرآن ونحو ذلك، قال: لقد قلت قولاً عجيباً وما هو كذلك، ولكنه إنما يقول: ذكر الله إياكم عندما أمر به أو نهى عنه إذا ذكرتموه أكبر من ذكركم أياه، وقد روي هذا من غير وجه عن ابن عباس، واختاره ابن جرير.