الرئيسية - التفاسير


* تفسير مختصر تفسير ابن كثير/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق


{ وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يِقُولُ ءَامَنَّا بِٱللَّهِ فَإِذَآ أُوذِيَ فِي ٱللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ ٱلنَّاسِ كَعَذَابِ ٱللَّهِ وَلَئِنْ جَآءَ نَصْرٌ مِّن رَّبِّكَ لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ أَوَ لَيْسَ ٱللَّهُ بِأَعْلَمَ بِمَا فِي صُدُورِ ٱلْعَالَمِينَ } * { وَلَيَعْلَمَنَّ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَلَيَعْلَمَنَّ ٱلْمُنَافِقِينَ }

يقول تعالى مخبراً عن صفات المكذبين، الذين يدعون الإيمان بألسنتهم ولم يثبت الإيمان في قلوبهم، بأنهم إذا جاءتهم محنة وفتنة في الدنيا، اعتقدوا أن هذا من نقمة الله تعالى بهم فارتدوا عن الإسلام، ولهذا قال تعالى: { وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يِقُولُ آمَنَّا بِٱللَّهِ فَإِذَآ أُوذِيَ فِي ٱللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ ٱلنَّاسِ كَعَذَابِ ٱللَّهِ } قال ابن عباس: يعني فتنته أن يرتد عن دينه إذا أوذي في الله، وكذا قال غيره من علماء السلف، وهذه الآية كقوله تعالى:وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَعْبُدُ ٱللَّهَ عَلَىٰ حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ ٱطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ ٱنْقَلَبَ عَلَىٰ وَجْهِهِ } [الحج: 11] - إلى قوله -ذٰلِكَ هُوَ ٱلضَّلاَلُ ٱلْبَعِيدُ } [الحج: 12]، ثم قال عزَّ وجلَّ: { وَلَئِنْ جَآءَ نَصْرٌ مِّن رَّبِّكَ لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ } أي ولئن جاء نصر قريب من ربك يا محمد وفتح ومغانم، ليقولن هؤلاء لكم إنا كنا معكم أي إخوانكم في الدين، كما قال تعالى:ٱلَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِن كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِّنَ ٱللَّهِ قَالُوۤاْ أَلَمْ نَكُنْ مَّعَكُمْ } [النساء: 141] الاية، وقوله تعالى مخبراً عنهم هٰهنا: { وَلَئِنْ جَآءَ نَصْرٌ مِّن رَّبِّكَ لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ } ، ثم قال تعالى: { أَوَ لَيْسَ ٱللَّهُ بِأَعْلَمَ بِمَا فِي صُدُورِ ٱلْعَالَمِينَ } أي أوليس الله بأعلم بما في قلوبهم، وما تكنه ضمائرهم، وإن أظهروا لكم الموافقة؟ وقوله تعالى: { وَلَيَعْلَمَنَّ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَلَيَعْلَمَنَّ ٱلْمُنَافِقِينَ } أي وليختبرن الله الناس بالضراء والسراء، ليتميز من يطيع الله في الضراء والسراء، ومن يطيعه في حظ نفسه، كما قال تعالى:وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّىٰ نَعْلَمَ ٱلْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَٱلصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَاْ أَخْبَارَكُمْ } [محمد: 31].