الرئيسية - التفاسير


* تفسير مختصر تفسير ابن كثير/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق


{ تِلْكَ ٱلدَّارُ ٱلآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لاَ يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي ٱلأَرْضِ وَلاَ فَسَاداً وَٱلْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ } * { مَن جَآءَ بِٱلْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا وَمَن جَآءَ بِٱلسَّيِّئَةِ فَلاَ يُجْزَى ٱلَّذِينَ عَمِلُواْ ٱلسَّيِّئَاتِ إِلاَّ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ }

يخبر تعالى أن الدار الآخرة ونعيمها المقيم الذي لا يحول ولا يزول، جعلها لعباده المؤمنين المتواضعين، الذين لا يريدون { عُلُوّاً فِي ٱلأَرْضِ } أي ترفعاً على خلق الله وتعاظماً عليهم وتجبراً بهم ولا فساداً فيهم، قال عكرمة: العلو: التجبر، وقال سعيد بن جبير: العلو البغي، وقال سفيان الثوري: العلو في الأرض التكبر بغير حق، والفساد أخذ المال بغير حق، وقال ابن جرير { لاَ يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي ٱلأَرْضِ } تعظماً وتجبراً، { وَلاَ فَسَاداً } عملاً بالمعاصي. وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " إنه أوحي إليّ أن تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد، ولا يبغي أحد على أحد " وأما إذا أحب ذلك لمجرد التجمل فهذا لا بأس به، فقد ثبت " أن رجلاً قال: يا رسول الله إني أحب أن يكون ردائي حسناً ونعلي حسنة أفمن الكبر ذلك؟ فقال: " لا، إن الله جميل يحب الجمال " " ، وقال تعالى: { مَن جَآءَ بِٱلْحَسَنَةِ } أي يوم القيامة { فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا } أي ثواب الله خير من حسنة العبد فكيف والله يضاعفه أضعافاً كثيرة وهذا مقام الفضل، ثم قال: { وَمَن جَآءَ بِٱلسَّيِّئَةِ فَلاَ يُجْزَى ٱلَّذِينَ عَمِلُواْ ٱلسَّيِّئَاتِ إِلاَّ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } ، كما قال في الآية الأخرى:وَمَن جَآءَ بِٱلسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي ٱلنَّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } [النمل: 90] وهذا مقام الفضل والعدل.