الرئيسية - التفاسير


* تفسير مختصر تفسير ابن كثير/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق


{ قَالَ رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْساً فَأَخَافُ أَن يَقْتُلُونِ } * { وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَاناً فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءاً يُصَدِّقُنِي إِنِّيۤ أَخَافُ أَن يُكَذِّبُونِ } * { قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَاناً فَلاَ يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا بِآيَاتِنَآ أَنتُمَا وَمَنِ ٱتَّبَعَكُمَا ٱلْغَالِبُونَ }

لما أمره الله تعالى بالذهاب إلى فرعون { قَالَ رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْساً } يعني ذلك القبطي، { فَأَخَافُ أَن يَقْتُلُونِ } أي إذا رأوني، { وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَاناً } وذلك أن موسى عليه السلام كان في لسانه لثغة بسبب ما كان تناول تلك الجمرة، فحصل فيه شدة في التعبير، ولهذا قال:وَٱحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي * يَفْقَهُواْ قَوْلِي } [طه: 27-28] { فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءاً } أي وزيراً ومعيناً ومقوياً لأمري، يصدقني فيما أقوله وأخبر به عن الله عزَّ وجلَّ، لأن خبر الاثنين أنجع في النفوس من خبر الواحد، ولهذا قال: { إِنِّيۤ أَخَافُ أَن يُكَذِّبُونِ } ، وقال محمد بن إسحاق: { رِدْءاً يُصَدِّقُنِي } أي يبين لهم عني ما أكلمهم به فإنه يفهم عني ما لا يفهمون، فلما سأل ذلك موسى، قال الله تعالى: { سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ } أي سنقوي أمرك ونعز جانبك بأخيك، الذي سألت له أن يكون نبياً معك، كما قال في الآية الأخرى:قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يٰمُوسَىٰ } [طه: 36]. ولهذا قال بعض السلف: ليس أحد أعظم منة على أخيه من (موسى) على (هارون) عليهما السلام، فإنه شفع فيه حتى جعله الله نبياً ورسولاً، ولهذا قال تعالى في حق موسىوَكَانَ عِندَ ٱللَّهِ وَجِيهاً } [الأحزاب: 69]، وقوله تعالى: { وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَاناً } أي حجة قاهرة { فَلاَ يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا بِآيَاتِنَآ } أي لا سبيل لهم إلى الوصول إلى أذاكما بسبب إبلاغكما آيات الله، كما قال تعالى:يَـٰأَيُّهَا ٱلرَّسُولُ بَلِّغْ مَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ } [المائدة: 67] - إلى قوله -وَٱللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ ٱلنَّاسِ } [المائدة: 67]، ولهذا أخبرهما أن العاقبة لهما ولمن اتبعهما في الدنيا والآخرة فقال تعالى: { أَنتُمَا وَمَنِ ٱتَّبَعَكُمَا ٱلْغَالِبُونَ } ، كما قال تعالى:كَتَبَ ٱللَّهُ لأَغْلِبَنَّ أَنَاْ وَرُسُلِيۤ إِنَّ ٱللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ } [المجادلة: 21]، وقال تعالى:إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا } [غافر: 51] إلى آخر الآية.