الرئيسية - التفاسير


* تفسير مختصر تفسير ابن كثير/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق


{ فَلاَ تَدْعُ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهاً آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ ٱلْمُعَذَّبِينَ } * { وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ ٱلأَقْرَبِينَ } * { وَٱخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ ٱتَّبَعَكَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } * { فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيۤءٌ مِّمَّا تَعْمَلُونَ } * { وَتَوكَّلْ عَلَى ٱلْعَزِيزِ ٱلرَّحِيمِ } * { ٱلَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ } * { وَتَقَلُّبَكَ فِي ٱلسَّاجِدِينَ } * { إِنَّهُ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ }

يقول تعالى آمراً بعبادته وحده لا شريك له ومخبراً أن من أشرك به عذبه. ثم قال تعالى آمراً لرسوله صلى الله عليه وسلم أن ينذر عشيرته الأقربين أي الأدنين إليه، وأنه لا يخلص أحد منهم إلاّ إيمانه بربه عزَّ وجلَّ، وأمره أن يلين جانبه لمن اتبعه من عباد الله المؤمنين، ومن عصاه من خلق الله كائناً من كان فليتبرأ منه، ولهذا قال تعالى: { فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيۤءٌ مِّمَّا تَعْمَلُونَ } ، وهذه النذارة الخاصة لا تنافي العامة بل هي فرد من أجزائها، كما قال تعالى:لِتُنذِرَ قَوْماً مَّآ أُنذِرَ آبَآؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ } [يس: 6]، وقال تعالى:لِّتُنذِرَ أُمَّ ٱلْقُرَىٰ وَمَنْ حَوْلَهَا } [الشورى: 7]، وقال تعالى:لأُنذِرَكُمْ بِهِ وَمَن بَلَغَ } [الأنعام: 19 ]، كما قال تعالى:وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ ٱلأَحْزَابِ فَٱلنَّارُ مَوْعِدُهُ } [هود: 17]، وفي " صحيح مسلم ": " والذي نفسي بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني، ثم لا يؤمن بي إلاّ دخل النار " وقد وردت أحاديث كثيرة في نزول هذه الآية الكريمة، فلنذكرها، الحديث الأول: عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لما أنزل الله عزَّ وجلَّ { وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ ٱلأَقْرَبِينَ } " أتى النبي صلى الله عليه وسلم الصفا فصعد عليه ثم نادى: " يا صباحاه " ، فاجتمع الناس إليه بين رجل يجيء إليه، وبين رجل يبعث رسوله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يا بني عبد المطلب، يا بني فهر، يا بني لؤي، أرأيتم لو أخبرتكم أن خيلاً بسفح هذا الجبل تريد أن تغير عليكم صدقتموني؟ " قالوا: نعم، قال: " فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد " فقال أبو لهب: تباً لك سائر اليوم أما دعوتنا إلاّ لهذا؟ وأنزل الله: { تَبَّتْ يَدَآ أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ } " ، الحديث الثاني: روى الإمام أحمد عن عائشة قالت: لما نزلت: { وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ ٱلأَقْرَبِينَ } قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: " يا فاطمة ابنة محمد، يا صفية ابنة عبد المطلب، يا بني عبد المطلب لا أملك لكم من الله شيئاً سلوني من مالي ما شئتم " الحديث الثالث: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: لما نزلت هذه الآية: { وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ ٱلأَقْرَبِينَ } دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم قريشاً فعمَّ وخصَّ، فقال: " يا معشر قريش أنقذوا أنفسكم من النار، يا معشر بني كعب أنقذوا أنفسكم من النار، يا معشر بني هاشم أنقذوا أنفسكم من النار يا معشر بني عبد المطلب أنقذوا أنفسكم من النار، يا فاطمة بنت محمد أنقذي نفسك من النار، فإني والله لا أملك لكم من الله شيئاً إلاّ أن لكم رحماً سأبلها ببلاها "

السابقالتالي
2