لما طال مقام نبي الله بين أظهرهم يدعوهم إلى الله تعالى ليلاً ونهاراً، وسراً وجهاراً، وكلما كرر عليهم الدعوة صمموا على الكفر الغليظ والامتناع الشديد، وقالوا في الآخر: { لَئِنْ لَّمْ تَنْتَهِ يٰنُوحُ لَتَكُونَنَّ مِنَ ٱلْمَرْجُومِينَ } أي لئن لم تنته عن دعوتك إيانا إلى دينك { لَتَكُونَنَّ مِنَ ٱلْمَرْجُومِينَ } أي لنرجمنك، فعند ذلك دعا عليهم دعوة استجاب الله منه فيقال: { رَبِّ إِنَّ قَوْمِي كَذَّبُونِ * فَٱفْتَحْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ فَتْحاً } الآية، كما قال في الآية الأخرى{ فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَٱنتَصِرْ } [القمر: 10] إلى آخر الآية، وقال هٰهنا { فَأَنجَيْنَاهُ وَمَن مَّعَهُ فِي ٱلْفُلْكِ ٱلْمَشْحُونِ * ثُمَّ أَغْرَقْنَا بَعْدُ ٱلْبَاقِينَ } والمشحون هو المملوء بالأمتعة والأزواج التي حمل فيها من كل زوجين اثنين، أي أنجينا نوحاً ومن اتبعه كلهم وأغرقنا من كفر به وخالف أمره كلهم أجمعين { إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ * وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلرَّحِيمُ }.