الرئيسية - التفاسير


* تفسير مختصر تفسير ابن كثير/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق


{ أُوْلَـٰئِكَ يُجْزَوْنَ ٱلْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُواْ وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلاَماً } * { خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً } * { قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلاَ دُعَآؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَاماً }

لما ذكر تعالى من أوصاف عباده المؤمنين ما ذكر من الصفات الجميلة، والأقوال والأفعال الجليلة، قال بعد ذلك كله: { أُوْلَـٰئِكَ } أي المتصفون بهذه { يُجْزَوْنَ } يوم القيامة { ٱلْغُرْفَةَ } وهي الجنة سميت بذلك لارتفاعها، { بِمَا صَبَرُواْ } أي على القيام بذلك، { وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا } أي في الجنة { تَحِيَّةً وَسَلاَماً } أي يبتدرون فيها بالتحية والإكرام، ويلقون التوقير والاحترام، فلهم السلام وعليهم السلام، فإن الملائكة يدخلون عليهم من كل بابسَلاَمٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَىٰ ٱلدَّارِ } [الرعد: 24]، وقوله تعالى: { خَالِدِينَ فِيهَا } أي مقيمين لا يظعنون ولا يحولون ولا يموتون، ولا يزولون عنها ولا يبتغون عنها حولاً، كما قال تعالى:وَأَمَّا ٱلَّذِينَ سُعِدُواْ فَفِي ٱلْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ ٱلسَّمَٰوَٰتُ وَٱلأَرْضُ } [هود: 108] الآية، وقوله تعالى: { حَسُنَتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً } أي حسنت منظراً وطابت مقيلاً ومنزلاً، ثم قال تعالى: { قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي } أي لا يبالي ولا يكترث بكم إذا لم تعبدوه، فإنه إنما خلق الخلق ليعبدوه ويوحدوه ويسبحوه بكرة وأصيلاً.

قال ابن عباس: لولا دعاؤكم: أي لولا إيمانكم، وأخبر تعالى الكفار أنه لا حاجة له بهم إذ لم يخلقهم مؤمنين، ولو كان له بهم حاجة لحبب إليهم الإيمان كما حببه إلى المؤمنين. وقوله تعالى: { فَقَدْ كَذَّبْتُمْ } أيها الكافرون { فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَاماً } أي فسوف يكون تكذيبكم لزاما لكم، يعني مقتضياً لعذابكم وهلاككم ودماركم في الدنيا والآخرة.