الرئيسية - التفاسير


* تفسير مختصر تفسير ابن كثير/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق


{ وَإِذَا رَأَوْكَ إِن يَتَّخِذُونَكَ إِلاَّ هُزُواً أَهَـٰذَا ٱلَّذِي بَعَثَ ٱللَّهُ رَسُولاً } * { إِن كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آلِهَتِنَا لَوْلاَ أَن صَبْرَنَا عَلَيْهَا وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ ٱلْعَذَابَ مَنْ أَضَلُّ سَبِيلاً } * { أَرَأَيْتَ مَنِ ٱتَّخَذَ إِلَـٰهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً } * { أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلاَّ كَٱلأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً }

يخبر تعالى عن استهزاء المشركين بالرسول صلى الله عليه وسلم إذا رأوه، كما قال تعالى:وَإِذَا رَآكَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ إِن يَتَّخِذُونَكَ إِلاَّ هُزُواً } [الأنبياء: 36] الآية، يعنونه بالعيب والنقص، وقال هٰهنا: { وَإِذَا رَأَوْكَ إِن يَتَّخِذُونَكَ إِلاَّ هُزُواً أَهَـٰذَا ٱلَّذِي بَعَثَ ٱللَّهُ رَسُولاً }؟ أي على سبيل التنقص والإزدراء، وقوله تعالى: { إِن كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آلِهَتِنَا } يعنون أنه كاد يثنيهم عن عبادة الأصنام، لولا أن صبروا وتجلدوا واستمروا عليها، قال الله تعالى متوعداً لهم ومتهدداً: { وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ ٱلْعَذَابَ } الآية، ثم قال تعالى لنبيه منبهاً: أنَّ من كتب الله عليه الشقاوة والضلال فإنه لا يهديه أحد إلا الله عزَّ وجلَّ، { أَرَأَيْتَ مَنِ ٱتَّخَذَ إِلَـٰهَهُ هَوَاهُ } أي مهما استحسن من شيء ورآه حسناً في هوى نفسه كان دينه ومذهبه، كما قال تعالى:أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوۤءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً فَإِنَّ ٱللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَآءُ } [فاطر: 8] الآية، ولهذا قال هٰهنا: { أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً }؟ قال ابن عباس: كان الرجل في الجاهلية يعبد الحجر الأبيض زماناً فإذا رأى غيره أحسن منه عبد الثاني وترك الأول، ثم قال تعالى: { أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ }؟ الآية، أي هم أسوأ حالاً من الأنعام السارحة، فإن تلك تفعل ما خلقت له، وهؤلاء خلقوا لعبادة الله وحده، وهم يعبدون غيره ويشركون به، مع قيام الحجة عليهم وإرسال الرسل إليهم.