الرئيسية - التفاسير


* تفسير مختصر تفسير ابن كثير/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق


{ ومِنَ ٱلنَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي ٱللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلاَ هُدًى وَلاَ كِتَابٍ مُّنِيرٍ } * { ثَانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ لَهُ فِي ٱلدُّنْيَا خِزْيٌ وَنُذِيقُهُ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ عَذَابَ ٱلْحَرِيقِ } * { ذٰلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ وَأَنَّ ٱللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّٰمٍ لِّلعَبِيدِ }

لما ذكر تعالى حلال الضلاَّل الجهَّال المقلدين في قوله:وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي ٱللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَّرِيدٍ } [الحج: 3] ذكر في هذه حال الدعاة إلى الضلالة من رؤوس الكفر، والبدع، فقال: { ومِنَ ٱلنَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي ٱللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلاَ هُدًى وَلاَ كِتَابٍ مُّنِيرٍ } أي بلا عقل صحيح، ولا نقل صريح، بل بمجرد الرأي والهوى، وقوله { ثَانِيَ عِطْفِهِ } قال ابن عباس: مستكبراً عن الحق إذا دعي إليه، وقال مجاهد وقتادة: لاوي عطفة وهي رقبته يعني يعرض عما يدعى إليه من الحق، ويثني رقبته استكباراً، كقوله تعالى:وَفِي مُوسَىٰ إِذْ أَرْسَلْنَاهُ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ * فَتَوَلَّىٰ بِرُكْنِهِ } [الذاريات: 38-39] الآية، وقال تعالى:رَأَيْتَ ٱلْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنكَ صُدُوداً } [النساء: 61]، وقال تعالى:وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ ٱللَّهِ لَوَّوْاْ رُءُوسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُم مُّسْتَكْبِرُونَ } [المنافقون: 5]، وقال تعالى:وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِ آيَاتُنَا وَلَّىٰ مُسْتَكْبِراً } [لقمان: 7] الآية، وقوله: { لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ } قال بعضهم: هذه لام العاقبة لأنه قد لا يقصد ذلك، ثم قال تعالى: { لَهُ فِي ٱلدُّنْيَا خِزْيٌ } وهو الإهانة والذل كما أنه لما استكبر عن آيات الله لقّاه الله المذلة في الدنيا وعاقبة فيها قبل الآخرة، لأنها أكبر همه ومبلغ علمه { وَنُذِيقُهُ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ عَذَابَ ٱلْحَرِيقِ * ذٰلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ } أي يقال له هذا تقريعاً وتوبيخاً { وَأَنَّ ٱللَّهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِّلعَبِيدِ } كقوله تعالى:ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْكَرِيمُ * إِنَّ هَـٰذَا مَا كُنتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ } [الدخان: 49-50]. عن الحسن قال: بلغني أن أحدهم يحرق في اليوم سبعين ألف مرة.