يقول مخبراً عن المشركين فيما جهلوا وكفروا. وعبدوا من دون الله ما لم ينزل به سلطاناً، يعني حجة وبرهاناً كقوله:{ وَمَن يَدْعُ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـهَا آخَرَ لاَ بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ ٱلْكَافِرُونَ } [المؤمنون: 117]، ولهذا قال هٰهنا { مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَمَا لَيْسَ لَهُمْ بِهِ عِلْمٌ } أي ولا علم لهم فيما اختلقوا وائتفكوه، وإنما هو أمر تلقوه عن آبائهم وأسلافهم بلا دليل ولا حجة، وأصله مما سوَّل لهم الشيطان وزينة لهم، ولهذا توعدهم تعالى بقوله: { وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِن نَّصِيرٍ } أي من ناصر ينصرهم من الله فيما يحل بهم من العذاب والنكال؛ ثم قال: { وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ } أي وإذا ذكرت لهم آيات القرآن والحجج والدلائل والواضحات على توحيد الله { يَكَادُونَ يَسْطُونَ بِٱلَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آيَٰتِنَا } أي يكادون يبادرون الذين يحتجون عليهم بالدلائل الصحيحة من القرآن ويبسطون إليهم أيديهم وألسنتهم بالسوء { قُلْ } أي يا محمد لهؤلاء { أَفَأُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذٰلِكُمُ ٱلنَّارُ وَعَدَهَا ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } أي النار وعذابها ونكالها أشد وأشق، وأطم وأعظم مما تخوِّفون به أولياء الله المؤمنين في الدنيا، وعذاب الآخرة على صنيعكم هذا أعظم مما تنالون منهم إن نلتم بزعمكم وإرادتكم، وقوله: { وَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ } أي وبئس النار مقيلاً ومنزلاً ومرجعاً وموئلاً ومقاماً{ إِنَّهَا سَآءَتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً } [الفرقان: 66].