الرئيسية - التفاسير


* تفسير مختصر تفسير ابن كثير/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق


{ ذٰلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ يُولِجُ ٱللَّيْلَ فِي ٱلنَّهَارِ وَيُولِجُ ٱلنَّهَارَ فِي ٱللَّيْلِ وَأَنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ } * { ذٰلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ هُوَ ٱلْبَاطِلُ وَأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْعَلِيُّ ٱلْكَبِيرُ }

يقول تعالى: منبهاً على أنه الخالق المتصرف في خلقه بما يشاء، كما قال:قُلِ ٱللَّهُمَّ مَالِكَ ٱلْمُلْكِ تُؤْتِي ٱلْمُلْكَ مَن تَشَآءُ وَتَنزِعُ ٱلْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَآءُ } [آل عمران: 26] الآية، ومعنى إيلاجه الليل في النهار، والنهار في الليل، إدخاله من هذا في هذا، ومن هذا في هذا، فتارة يطول الليل ويقصر النهار كما في الشتاء، وتارة يطول النهار ويقصر الليل كما في الصيف، وقوله: { وَأَنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ } أي سميع بأقوال عباده بصير بهم، لا يخفى عليه منهم خافية في أحوالهم وحركاتهم وسكناتهم، ولما تبين أنه المتصرف في الوجود الحاكم الذي لا معقب لحكمه قال: { ذٰلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْحَقُّ } أي الإلٰه الحق الذي لا تنبغي العبادة إلا له، لأنه ذو السلطان العظيم، الذي ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، وكل شيء فقير إليه، ذليل لديه { وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ هُوَ ٱلْبَاطِلُ } أي من الأصنام والأنداد والأوثان، وكل ما عبد من دونه تعالى فهو باطل، لأنه لا يملك ضراً ولا نفعاً، وقوله: { وَأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْعَلِيُّ ٱلْكَبِيرُ } ، كما قال:وَهُوَ ٱلْعَلِيُّ ٱلْعَظِيمُ } [البقرة: 255]، وقال وهو:ٱلْكَبِيرُ ٱلْمُتَعَالِ } [الرعد: 9] فكل شيء تحت قهره وسلطانه وعظمته لا إلٰه إلا هو ولا رب سواه، لأنه العظيم الذي لا أعظم منه، العلي الذي لا أعلى منه، الكبير الذي لا أكبر منه، تعالى وتقدس وتنزه عزَّ وجلَّ عما يقول الظالمون المعتدون علواً كبيراً.