الرئيسية - التفاسير


* تفسير مختصر تفسير ابن كثير/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق


{ لَن يَنَالَ ٱللَّهَ لُحُومُهَا وَلاَ دِمَآؤُهَا وَلَـٰكِن يَنَالُهُ ٱلتَّقْوَىٰ مِنكُمْ كَذٰلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُواْ ٱللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ ٱلْمُحْسِنِينَ }

يقول تعالى: إنما شرع لكم نحر هذه الضحايا لتذكروه عند ذبحها، فإنه الخالق الرازق لا يناله شيء من لحومها ولا دمائها، فهو الغني عما سواه، وقد كانوا في جاهليتهم إذا ذبحوها لآلهتهم، وضعوا عليها من لحوم قرابينهم ونضحوا عليها من دمائها، فقال تعالى: { لَن يَنَالَ ٱللَّهَ لُحُومُهَا وَلاَ دِمَآؤُهَا }. عن ابن جريج قال: كان أهل الجاهلية ينضحون البيت بلحوم الإبل ودمائها، فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: فنحن أحق أن ننضح فأنزل الله: { لَن يَنَالَ ٱللَّهَ لُحُومُهَا وَلاَ دِمَآؤُهَا وَلَـٰكِن يَنَالُهُ ٱلتَّقْوَىٰ مِنكُمْ } أي يتقبل ذلك ويجزي عليه، كما جاء في " الصحيح ": " إن الله لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم " وجاء في الحديث: " إن الصدقة لتقع في يد الرحمٰن قبل أن تقع في يد السائل، وإن الدم ليقع من الله بمكان قبل أن يقع إلى الأرض " وقوله: { كَذٰلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ } أي من أجل ذلك سخر لكم البدن { لِتُكَبِّرُواْ ٱللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ } أي لتعظموه على ما هداكم لدينه وشرعه وما يحبه ويرضاه، ونهاكم عن فعل ما يكرهه ويأباه، وقوله: { وَبَشِّرِ ٱلْمُحْسِنِينَ } أي وبشر يا محمد المحسنين في عملهم، القائمين بحدود الله، المتبعين ما شرع لهم، المصدّقين الرسول فيما أبلغهم وجاءهم به من عند ربه عزَّ وجلَّ.