الرئيسية - التفاسير


* تفسير مختصر تفسير ابن كثير/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق


{ إِنَّ ٱللَّهَ يُدْخِلُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ } * { وَهُدُوۤاْ إِلَى ٱلطَّيِّبِ مِنَ ٱلْقَوْلِ وَهُدُوۤاْ إِلَىٰ صِرَاطِ ٱلْحَمِيدِ }

لما أخبر تعالى عن حال أهل النار، وما هم فيه من العذاب والنكال، والحريق والأغلال، وما أعد لهم من الثياب من النار، ذكر حال أهل الجنة فقال: { إِنَّ ٱللَّهَ يُدْخِلُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ } أي تتخرق في أكنافها وأرجائها وجوانبها، وتحت أشجارها وقصورها يصرفونها حيث شاءوا وأين أرادوا، { يُحَلَّوْنَ فِيهَا } من الحيلة، { مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً } أي في أيديهم، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه: " تبلغ الحلية من المؤمن حيث يبلغ الوضوء " وقوله: { وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ } في مقابلة ثياب أهل النار التي فصلت لهم، لباس هؤلاء من الحرير استبرقه وسندسه، كما قال:عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ } [الإنسان: 21]، وفي الصحيح: " لا تلبسوا الحرير ولا الديباج في الدنيا فإنه من لبسه في الدنيا لم يلبسه في الآخرة " ، وقال عبد الله بن الزبير: من لم يلبس الحرير في الآخرة لم يدخل الجنة، قال الله تعالى: { وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ } ، وقوله: { وَهُدُوۤاْ إِلَى ٱلطَّيِّبِ مِنَ ٱلْقَوْلِ } كقوله تعالى:وَالمَلاَئِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِّن كُلِّ بَابٍ * سَلاَمٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَىٰ ٱلدَّارِ } [الرعد: 23-24]، وقوله:لاَ يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً وَلاَ تَأْثِيماً * إِلاَّ قِيلاً سَلاَماً سَلاَماً } [الواقعة: 25-26] فهدوا إلى المكان الذي يسمعون فيه الكلام الطيب،وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلاَماً } [الفرقان: 75] لا كما يهان أهل النار بالكلام الذي يوبخون به ويقرعون به، يقال لهم:وَذُوقُواْ عَذَابَ ٱلْحَرِيقِ } [الحج: 22]، وقوله: { وَهُدُوۤاْ إِلَىٰ صِرَاطِ ٱلْحَمِيدِ } أي إلى المكان الذي يحمدون فيه ربهم على ما أحسن إليهم، وأنعم به وأسداه إليهم، كما جاء في الحديث الصحيح: " أنهم يلهمون التسبيح والتحميد كما يلهموا النفس " ، وقد قال بعض المفسرين في قوله: { وَهُدُوۤاْ إِلَى ٱلطَّيِّبِ مِنَ ٱلْقَوْلِ } أي القرآن وقيل: لا إلٰه إلا الله وقيل: الأذكار المشروعة { وَهُدُوۤاْ إِلَىٰ صِرَاطِ ٱلْحَمِيدِ } أي الطريق المستقيم في الدنيا، وكل هذا لا ينافي ما ذكرناه، والله أعلم.