الرئيسية - التفاسير


* تفسير مختصر تفسير ابن كثير/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق


{ لَقَدْ أَنزَلْنَآ إِلَيْكُمْ كِتَاباً فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } * { وَكَمْ قَصَمْنَا مِن قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْماً آخَرِينَ } * { فَلَمَّآ أَحَسُّواْ بَأْسَنَآ إِذَا هُمْ مِّنْهَا يَرْكُضُونَ } * { لاَ تَرْكُضُواْ وَٱرْجِعُوۤاْ إِلَىٰ مَآ أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ } * { قَالُواْ يٰوَيْلَنَآ إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ } * { فَمَا زَالَت تِلْكَ دَعْوَاهُمْ حَتَّىٰ جَعَلْنَاهُمْ حَصِيداً خَامِدِينَ }

يقول تعالى منبهاً على شرف القرآن ومحرضاً لهم على معرفة قدره: { لَقَدْ أَنزَلْنَآ إِلَيْكُمْ كِتَاباً فِيهِ ذِكْرُكُمْ } قال ابن عباس: شرفكم، وقال مجاهد: حديثكم، وقال الحسن: دينكم { أَفَلاَ تَعْقِلُونَ }: أي هذه النعمة وتتلقونها بالقبول، كما قال تعالى:وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ } [الزخرف: 44]، وقوله: { وَكَمْ قَصَمْنَا مِن قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً } هذه صيغة تكثير، كما قال:وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنَ ٱلْقُرُونِ مِن بَعْدِ نُوحٍ } [الإسراء: 17]، وقال تعالى:فَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا... } [الحج: 45] الآية، وقوله: { وَأَنشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْماً آخَرِينَ } أي أمة أخرى بعدهم، { فَلَمَّآ أَحَسُّواْ بَأْسَنَآ } أي تيقنوا أن العذاب واقع بهم لا محالة كما وعدهم نبيهم { إِذَا هُمْ مِّنْهَا يَرْكُضُونَ } أي يفرون هاربين، { لاَ تَرْكُضُواْ وَٱرْجِعُوۤاْ إِلَىٰ مَآ أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ } هذا تهكم بهم نزراً، أي قيل لهم نزراً لا تركضوا هاربين من نزول العذاب وارجعوا إلى ما كنتم فيه من النعمة والسرور والمعيشة والمساكن الطيبة، قال قتادة: استهزاء بهم { لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ }: أي عما كنتم فيه من أداء شكر النعم. { قَالُواْ يٰوَيْلَنَآ إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ } اعترفوا بذنوبهم حين لا ينفعهم ذلك، { فَمَا زَالَت تِلْكَ دَعْوَاهُمْ حَتَّىٰ جَعَلْنَاهُمْ حَصِيداً خَامِدِينَ }: أي ما زالت تلك المقالة وهي الاعتراف بالظلم هِجيَراهم حتى حصدناهم حصداً، وخمدت حركاتهم وأصواتهم خموداً.