الرئيسية - التفاسير


* تفسير مختصر تفسير ابن كثير/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق


{ قَالَ أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنَا مِنْ أَرْضِنَا بِسِحْرِكَ يٰمُوسَىٰ } * { فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِّثْلِهِ فَٱجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِداً لاَّ نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلاَ أَنتَ مَكَاناً سُوًى } * { قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ ٱلزِّينَةِ وَأَن يُحْشَرَ ٱلنَّاسُ ضُحًى }

يقول تعالى مخبراً عن فرعون: أنه قال لموسى حين أراه الآية الكبرى وهي إلقاء عصاه فصارت ثعباناً عظيماً، ونزع يده من تحت جناحه فخرجت بيضاء من غير سوء، فقال: هذا سحر جئت به لتسحرنا وتستولي به على الناس فيتبعونك وتكاثرنا بهم، ولا يتم هذا معك، فإن عندنا سحراً مثل سحرك فلا يغرنك ما أنت فيه، { فَٱجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِداً } أي يوماً نجتمع نحن وأنت فيه فنعارض ما جئت به بما عندنا من السحر، في مكان معين ووقت معين، فعند ذلك { قَالَ } لهم موسى { مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ ٱلزِّينَةِ } ، وهو يوم عيدهم وتفرغهم من أعمالهم، واجتماع جميعهم، ليشاهد الناس قدرة الله على ما يشاء، ومعجزات الأنبياء، وبطلان معارضة السحر لخوارق العادات النبوية، ولهذا قال: { وَأَن يُحْشَرَ ٱلنَّاسُ } أي جميعهم { ضُحًى } أي ضحوة من النهار ليكون أظهر وأجلى وأبين وأوضح، وهكذا شأن الأنبياء، كل أمرهم بيّن واضح ليس فيه خفاء ولا ترويج، ولهذا لم يقل: ليلاً، ولكن نهاراً، ضحى، قال ابن عباس: وكان يوم الزينة، يوم عاشوراء، وقال السدي: كان يوم عيدهم. قلت: وفي مثله أهلك الله فرعون وجنوده. كما ثبت في " الصحيح " ، وقال وهب بن منبه، قال فرعون: يا موسى اجعل بيننا وبينك أجلاً ننظر فيه، قال موسى: لم أؤمر بهذا، إنما أمرت بمناجزتك إن أنت لم تخرج دخلت إليك، فأوحى الله إلى موسى: أن اجعل بينك وبينه أجلاً، وقل له أن يجعل هو، قال فرعون اجعله إلى أربعين يوماً ففعل، وقال مجاهد وقتادة { مَكَاناً سُوًى } منصفاً، وقال السدي عدلاً، وقال عبد الرحمٰن بن زيد: مستوٍ بين الناس، وما فيه لا يكون صوت ولا شيء، يتغيب بعض ذلك عن بعض، مستوٍ حين يرى.