الرئيسية - التفاسير


* تفسير مختصر تفسير ابن كثير/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق


{ قُلْ مَن كَانَ عَدُوّاً لِّجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَىٰ قَلْبِكَ بِإِذْنِ ٱللَّهِ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ } * { مَن كَانَ عَدُوّاً للَّهِ وَمَلاۤئِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَٰلَ فَإِنَّ ٱللَّهَ عَدُوٌّ لِّلْكَافِرِينَ }

قال أبو جعفر الطبري رحمه الله: أجمع أهل العلم بالتأويل جميعاً أن هذه الآية نزلت جواباً لليهود من بني إسرائيل إذ زعموا أن جبريل عدوّ لهم، وأن ميكائيل وليٌّ لهم، ثم اختلفوا في السبب الذي من أجله قالوا ذلك، فقال بعضهم: إنما كان سبب قيلهم ذلك من أجل مناظرة جرت بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمر نبوّته. عن ابن عباس قال: " أقبلت يهود على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا أبا القاسم أخبرنا عن خمسة أشياء فإن أنبأتنا بهن عرفنا أنك نبي واتبعناك، فأخذ عليهم ما أخذ إسرائيل على بنيه إذ قال: { وَٱللَّهُ عَلَىٰ مَا نَقُولُ وَكِيلٌ } قال: " هاتوا " ، قالوا: فأخبرنا عن علامة النبي؟ قال: " تنام عيناه ولا ينام قلبه ". قالوا: أخبرنا كيف تؤنث المرأة وكيف تذكَّر؟ قال: " يلتقي الماءان فإذا علا ماء الرجل ماء المرأة أذكرت، وإذا علا ماء المرأة ماء الرجل أنثت " ، قالوا: أخبرنا ما حرم إسرائيل على نفسه؟ قال: " كان يشتكي عرق النساء فلم يجد شيئاً يلائمه إلا ألبان كذا " ، قال أحمد، قال بعضهم: يعني الإبل فحرم لحومها. قالوا: صدقت. قالوا: أخبرنا ما هذا الرعد؟ قال: " ملك من ملائكة الله عزّ وجلّ موكل بالسحاب بيديه أو في يديه مخراق من نار يزجر به السحاب يسوقه حيث أمره الله تعالى ". قالوا: فما هذا الصوت الذي نسمع؟ قال: " صوته " ، قالوا: صدقت. قالوا: إنما بقيت واحدة وهي التي نتابعك إن أخبرتنا بها، إنه ليس من نبي إلا وله ملك يأتيه بالخبر فأخبرنا من صاحبك؟ قال: " جبريل عليه السلام " ، قالوا: جبريل ذاك الذي ينزل بالحرب والقتال والعذاب عدوُّنا، لو قلت ميكائيل الذي ينزل بالرحمة والقطر والنبات لكان، فأنزل الله تعالى: { قُلْ مَن كَانَ عَدُوّاً لِّجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَىٰ قَلْبِكَ بِإِذْنِ ٱللَّهِ } إلى آخر الآية " وفي رواية: إن يهود سألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن صاحبه الذي ينزل عليه بالوحي قال: " جبريل " ، قالوا: فإنه عدوّ لنا ولا يأتي إلا بالحرب والشدة والقتال فنزلت: { قُلْ مَن كَانَ عَدُوّاً لِّجِبْرِيلَ } الآية.

وأخرج البخاري عن أنس بن مالك قال: سمع (عبد الله بن سلاّم) بمقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في أرض يخترف فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: " إني سائِلك عن ثلاث لا يعلمهن إلا نبي: ما أول أشراط الساعة، وما أول طعام أهل الجنة، وما ينزع الولد إلى أبيه أو إلى أمه؟ قال: " أخبرني بهذه جبرائيل آنفاً ". قال: جبريل؟ قال: " نعم ". قال: ذاك عدوّ اليهود من الملائكة فقرأ هذه الآية: { قُلْ مَن كَانَ عَدُوّاً لِّجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَىٰ قَلْبِكَ }. " وأما أول أشراط الساعة فنار تحشر الناس من المشرق إلى المغرب، وأما أول طعام يأكله أهل الجنة فزيادة كبد الحوت؛ وإذا سبق ماء الرجل ماء المرأة نزع الولد وإذا سبق ماء المرأة نزعت " ، قال: أشهد أن لا إلٰه إلا الله وأنك رسول الله، يا رسول الله إن اليهود قوم بُهْتٌ وإنهم إن يعلموا بإسلامي قبل أن تسألهم يبهتوني، فجاءت اليهود فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أيّ رجل عبد الله بن سلام فيكم؟ " قالوا: خيرنا وابن خيرنا وسيدنا وابن سيدنا، قال: " أرأيتم إن أسلم " ، قالوا: أعاذه الله من ذلك فخرج عبد الله فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله، فقالوا: هو شرنا وابن شرنا وانتقصوه، فقال: هذا الذي كنت أخاف يا رسول الله ".


السابقالتالي
2 3 4