الرئيسية - التفاسير


* تفسير مختصر تفسير ابن كثير/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق


{ وَعَلَّمَ ءَادَمَ ٱلأَسْمَآءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى ٱلْمَلَٰئِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَآءِ هَـٰؤُلاۤءِ إِن كُنْتُمْ صَٰدِقِينَ } * { قَالُواْ سُبْحَٰنَكَ لاَ عِلْمَ لَنَآ إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَآ إِنَّكَ أَنْتَ ٱلْعَلِيمُ ٱلْحَكِيمُ } * { قَالَ يَآءَادَمُ أَنبِئْهُمْ بِأَسْمَآئِهِمْ فَلَمَّآ أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَآئِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَّكُمْ إِنِيۤ أَعْلَمُ غَيْبَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ }

هذا مقامٌ ذكر الله تعالى فيه شرف آدم على الملائكة، بما اختصه من علم أسماء كل شيء دونهم، وهذا كان بعد سجودهم له، وإنما قدم هذا الفصل على ذاك لمناسبة ما بين هذا المقام وعدم علمهم بحكمة خلق الخليفة، حين سألوا عن ذلك فأخبرهم تعالى بأنه يعلم ما لا يعلمون، ولهذا ذكر الله هذا المقام عقيب هذا ليبيّن لهم شرف آدم بما فضل به عليهم في العلم، فقال تعالى: { وَعَلَّمَ ءَادَمَ ٱلأَسْمَآءَ كُلَّهَا } قال السدي عن ابن عباس: { وَعَلَّمَ ءَادَمَ ٱلأَسْمَآءَ كُلَّهَا } علمه أسماء ولده إنساناً إنساناً، والدواب فقيل هذا الحمار، هذا الجمل، هذا الفرس. وقال الضحاك عن ابن عباس { وَعَلَّمَ ءَادَمَ ٱلأَسْمَآءَ كُلَّهَا } قال: هي هذه الأسماء التي يتعارف بها الناس: إنسان، ودواب، وسماء، وأرض، وسهل، وبحر، وخيل، وحمار، وأشباه ذلك من الأمم وغيرها. وقال مجاهد { وَعَلَّمَ ءَادَمَ ٱلأَسْمَآءَ كُلَّهَا }: علمه اسم كل دابة، وكل طير، وكل شيء، وكذلك روي عن سعيد بن جبير وقتادة وغيرهم من السلف أنه علمه أسماء كل شيء. والصحيح أنه علمه أسماء الأشياء كلها ذواتها وصفاتها وأفعالها، ولهذا قال البخاري في تفسير هذه الآية عن أَنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " يجتمع المؤمنون يوم القيامة فيقولون لو استشفعنا إلى ربنا فيأتون آدم فيقولون أنت أبو الناس خلقك الله بيده، وأسجد لك ملائكته، وعلَّمك أسماء كل شيء، فاشفع لنا إلى ربك حتى يريحنا من مكاننا هذا " الحديث. فدل هذا على أنه علمه أسماء جميع المخلوقات ولهذا قال: { ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى ٱلْمَلاَئِكَةِ } يعني المسميات { فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَآءِ هَـٰؤُلاۤءِ إِن كُنْتُمْ صَادِقِينَ } ، قال مجاهد: ثم عرض أصحاب الأسماء على الملائكة.

وقال ابن جرير عن الحسن وقتادة قالا: علَّمه اسم كل شيء، وجعل يسمي كل شيء باسمه وعرضت عليه أمة أمة، وبهذا الإسناد عن الحسن وقتادة في قوله تعالى: { إِن كُنْتُمْ صَادِقِينَ } إني لم أخلق خلقاً إلا كنتم أعلم منه فأخبروني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين. وقال السدي { إِن كُنْتُمْ صَادِقِينَ } أن بني آدم يفسدون في الأرض ويسفكون الدماء. { قَالُواْ سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَآ إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَآ إِنَّكَ أَنْتَ ٱلْعَلِيمُ ٱلْحَكِيمُ } هذا تقديس وتنزيه من الملائكة لله تعالى أن يحيط أحد بشيء من علمه إلا بما شاء، وأن يعلموا شيئاً إلا ما علمهم الله تعالى ولهذا قالوا: { سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَآ إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَآ إِنَّكَ أَنْتَ ٱلْعَلِيمُ ٱلْحَكِيمُ } أي العليمُ بكل شيء، الحكيمُ في خلقك وأمرك، وفي تعليمك ما تشاء ومنعك ما تشاء، لك الحكمة في ذلك والعدل التام. عن ابن عباس { سُبْحَانَ ٱللَّهِ } قال: تنزيه الله نفسه عن السوء.

السابقالتالي
2