الرئيسية - التفاسير


* تفسير مختصر تفسير ابن كثير/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق


{ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ ٱلدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ }

روي أن أعرابياً قال: يا رسول الله: أقريب ربنا فنناجيه أم بعيد فنناديه؟ فسكت النبي صلى الله عليه وسلم فأنزل الله: { وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ ٱلدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ } ، وعن الحسن قال: سأل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: أين ربنا؟ فأنزل الله عزّ وجلّ: { وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ ٱلدَّاعِ إِذَا دَعَانِ } الآية. وقال عطاء: إنه بلغه لما نزلتوَقَالَ رَبُّكُـمُ ٱدْعُونِيۤ أَسْتَجِبْ لَكُمْ } [غافر: 60] قال الناس: لو نعلم أيّ ساعة ندعو؟ فنزلت: { وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ ٱلدَّاعِ إِذَا دَعَانِ } ، وعن أبي موسى الأشعري قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة فجعلنا لا نصعد شرفاً، ولا نعلو شرفاً، ولا نهبط وادياً، إلا رفعنا أصواتنا بالتكبير. قال: فدنا منا فقال: " يا أيها الناس أربعوا على أنفسكم فإنكم لا تدعون أصم ولا غائباً إنما تدعون سميعاً بصيراً، إن الذين تدعون أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته، يا عبد الله بن قيس ألا أعلمك كلمة من كنوز الجنة؟ لا حول ولا قوة إلا بالله ".

وعن أبي هريرة أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " قال الله تعالى: أنا مع عبدي ما ذكرني وتحركت بي شفتاه " (قلت): وهذا كقوله تعالى:إِنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ وَّٱلَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ } [النحل: 128]، وقوله لموسى وهارون عليهما السلام:إِنَّنِي مَعَكُمَآ أَسْمَعُ وَأَرَىٰ } [طه: 46] والمراد من هذا أنه تعالى لا يخيب دعاء داع، ولا يشغله عنه شيء، بل هو سميع الدعاء ففيه ترغيبٌ في الدعاء وأنه لا يضيع لديه تعالى، كما قال صلى الله عليه وسلم: " إن الله تعالى ليستحي أن يبسط العبد إليه يديه يسأله فيهما خيراً فيردهما خائبتين " وعن أبي سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ما من مسلم يدعو الله عزّ وجلّ بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث خصال: إما أن يعجل له دعوته، وإما أن يدخرها له في الأخرى، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها " ، قالوا: إذن نكثر، قال: " الله أكثر " وعن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ما على ظهر الأرض من رجل مسلم يدعو الله عزّ وجلّ بدعوة إلا آتاه الله إياها أو كفَّ عنه من السوء مثلها ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم " وروى مسلم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " " لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم ما لم يستعجل ". قيل: يا رسول الله! وما الاستعجال؟ قال: " يقول قد دعوت وقد دعوت فلم أر يستجاب لي يستجاب عند ذلك ويدع الدعاء " ".


السابقالتالي
2