الرئيسية - التفاسير


* تفسير مختصر تفسير ابن كثير/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق


{ وَإِن مِّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا كَانَ عَلَىٰ رَبِّكَ حَتْماً مَّقْضِيّاً } * { ثُمَّ نُنَجِّي ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ وَّنَذَرُ ٱلظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيّاً }

روى الإمام أحمد، عن أبي سمية قال: اختلفنا في الورود، فقال بعضنا: لا يدخلها مؤمن، وقال بعضهم يدخلونها جميعاً، ثم ينجي الله الذين اتقوا، فلقيت جابر بن عبد الله فقلت له: إنا اختلفنا في الورود، فقال: يردونها جميعاً، وأهوى بأصبعه إلى أذنيه، وقال: صُمّتا إن لم أكن سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " لا يبقى بر ولا فاجر إلاّ دخلها، فتكون على المؤمن برداً وسلاماً كما كانت على إبراهيم، حتى إن للنار ضجيجاً من بردهم، ثم ينجي الله الذين اتقوا ويذر الظالمين فيها جثياً " وعن قيس بن أبي حازم قال: كان عبد الله بن رواحة واضعاً رأسه في حجر امرأته فبكى، فبكت امرأته، قال: ما يبكيك؟ قالت: رأيتك تبكي فبكيت، قال إني ذكرت قول الله عزَّ وجلَّ { وَإِن مِّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا } فلا أدري أنجو منها أم لا، وكان مريضاً. وقال ابن جرير عن أبي إسحاق: كان أبو ميسرة إذا أوى إلى فراشه قال: يا ليت أمي لم تلدني، ثم يبكي، فقيل له: ما يبكيك يا أبا ميسرة؟ فقال: أخبرنا أنا واردوها ولم نخبر أنا صادرون عنها. وعن الحسن البصري قال، قال رجل لأخيه: هل أتاك أنك وارد النار؟ قال: نعم، قال: فهل أتاك أنك صادر عنها؟ قال: لا، قال: ففيم الضحك، قال: فما رئي ضاحكاً حتى لحق بالله. وقال عبد الرزاق خاصم ابن عباس نافع بن الأزرق. فقال ابن عباس: الورود الدخول، فقال نافع: لا، فقرأ ابن عباسإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنتُمْ لَهَا وَارِدُونَ } [الأنبياء: 98] وردوا أم لا؟ وقال:يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ ٱلنَّارَ } [هود: 98] أوردهم أم لا؟ أما أنا وأنت فسندخلها فانظر هل تخرج منها أم لا؟ وما أرى مخرجك منها بتكذيبك، فضحك نافع. وقال: عن مجاهد قال: كنت عند ابن عباس فأتاه رجل يقال له أبو راشد، وهو نافع بن الأزرق. فقال له: يا ابن عباس، أرأيت قول الله: { وَإِن مِّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا كَانَ عَلَىٰ رَبِّكَ حَتْماً مَّقْضِيّاً } ، قال: أما أنا وأنت يا أبا راشد فسنردها فانظر هل نصدر عنها أم لا؟.

وعن عبد الله بن مسعود { وَإِن مِّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا } قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يرد الناس كلهم ثم يصدرون عنها بأعمالهم " وقد رواه أسباط عن السدي، عن مرة عن عبد الله بن مسعود قال: يرد الناس جميعاً الصراط، وورودهم قيامهم حول النار، ثم يصدرون عن الصراط بأعمالهم، فمنهم من يمر مثل البرق، ومنهم من يمر مثل الريح، ومنهم من يمر مثل الطير، ومنهم من يمر كأجود الخيل، ومنهم من يمر كأجود الإبل.

السابقالتالي
2