الرئيسية - التفاسير


* تفسير مختصر تفسير ابن كثير/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق


{ إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً } * { أُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ ٱلأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَاباً خُضْراً مِّن سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُّتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى ٱلأَرَآئِكِ نِعْمَ ٱلثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقاً }

لما ذكر تعالى حال الأشقياء، ثنى بذكر السعداء الذين آمنوا بالله وصدقوا المرسلين فيما جاءوا به وعملوا بما أمروهم به من الأعمال الصالحة، فلهم جنات عدن، والعدن الإقامة { تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ ٱلأَنْهَارُ } أي من تحت غرفهم ومنازلهم، قال فرعونوَهَـٰذِهِ ٱلأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِيۤ } [الزخرف: 51] الآية. { يُحَلَّوْنَ } أي من الحلية { فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ } وقال في المكان الآخروَلُؤْلُؤاً وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ } [الحج: 23] وفصّله هٰهنا فقال { وَيَلْبَسُونَ ثِيَاباً خُضْراً مِّن سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ } فالسندس ثياب رقاق كالقمصان وما جرى مجراها، وأما الإستبرق فغليظ الديباج، وفيه بريق. وقوله: { مُّتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى ٱلأَرَآئِكِ } الإتكاء قيل: الاضطجاع، وقيل: التربع في الجلوس، وهو أشبه بالمراد هٰهنا - ومنه الحديث الصحيح: " أما أنا فلا آكل متكئاً " ، والأرائك جمع أريكة وهي السرير تحت الحجلة، عن قتادة { عَلَى ٱلأَرَآئِكِ } قال: هي الحجال، وقال غيره: السرر في الحجال، وقوله { نِعْمَ ٱلثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقاً }: أي الجنة ثواباً على أعمالهم، { وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقاً } أي حسنت منزلاً ومقيلاً ومقاماً، كما قال في النار:بِئْسَ ٱلشَّرَابُ وَسَآءَتْ مُرْتَفَقاً } [الكهف: 29]، وهكذا قابل بينهما في سورة الفرقان في قوله:إِنَّهَا سَآءَتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً } [الفرقان: 66]، ثم ذكر صفات المؤمنين فقال:خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً } [الفرقان: 76].