الرئيسية - التفاسير


* تفسير مختصر تفسير ابن كثير/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق


{ أَقِمِ ٱلصَّلاَةَ لِدُلُوكِ ٱلشَّمْسِ إِلَىٰ غَسَقِ ٱلَّيلِ وَقُرْآنَ ٱلْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ ٱلْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً } * { وَمِنَ ٱلْلَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَىٰ أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَّحْمُوداً }

يقول تبارك وتعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم آمراً له بإقامة الصلوات المكتوبات في أوقاتها: { أَقِمِ ٱلصَّلاَةَ لِدُلُوكِ ٱلشَّمْسِ } قيل: لغروبها. وقال ابن عباس: دلوكها زوالها، فعلى هذا تكون هذه الآية دخل فيها أوقات الصلوات الخمس، فمن قوله: { لِدُلُوكِ ٱلشَّمْسِ إِلَىٰ غَسَقِ ٱلَّيلِ } وهو ظلامه؛ أخذ منه الظهر والعصر والمغرب والعشاء، وقوله: { وَقُرْآنَ ٱلْفَجْرِ } يعني صلاة الفجر، وقد ثبتت السنّة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تواتراً من أفعاله وأقواله بتفاصيل هذه الأوقات على ما عليه أهل الإسلام اليوم مما تلقوه خلفاً عن سلف وقرناً بعد قرن كما هو مقرر في مواضعه ولله الحمد، { إِنَّ قُرْآنَ ٱلْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً } قال: تشهده ملائكة الليل وملائكة النهار، وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " فضل صلاة الجميع على صلاة الواحد خمس وعشرون درجة، وتجتمع ملائكة الليل وملائكة النهار في صلاة الفجر " يقول أبو هريرة: اقرأوا إن شئتم { إِنَّ قُرْآنَ ٱلْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً }. وعن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: { وَقُرْآنَ ٱلْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ ٱلْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً } قال: " تشهده ملائكة الليل وملائكة النهار " وفي " الصحيحين " عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " يتعاقبون فيكم، ملائكة بالليل وملائكة بالنهار، ويجتمعون في صلاة الصبح. وفي صلاة العصر، فيعرج الذين باتوا فيكم فيسألهم ربهم - وهو أعلم بكم - كيف تركتم عبادي؟ فيقولون: أتيناهم وهم يصلون. وتركناهم وهم يصلون " وقال عبد الله بن مسعود: يجتمع الحرسان في صلاة الفجر، فيصعد هؤلاء ويقيم هؤلاء. وقوله تعالى: { وَمِنَ ٱلْلَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ } أمر له بقيام الليل بعد المكتوبة، كما ورد " عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سئل أي الصلاة أفضل بعد المكتوبة؟ قال: " صلاة الليل " ، ولهذا أمر تعالى رسوله بعد المكتوبات بقيام الليل، فإن التهجد ما كان بعد نوم، وهو المعروف في لغة العرب، وكذلك ثبتت الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يتهجد بعد نومه، وقال الحسن البصري: هو ما كان بعد العشاء، ويحمل على ما كان بعد النوم، واختلف في معنى قوله تعالى: { نَافِلَةً لَّكَ } ، فقيل: معناه أنك مخصوص بوجوب ذلك وحدك، فجعلوا قيام الليل واجباً في حقه دون الأمة، رواه العوفي عن ابن عباس واختاره ابن جرير، وقيل: إنما جعل قيام الليل في حقه نافلة على الخصوص، لأنه قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وغيره من أمته إنما يكفر عن صلواته النوافل الذنوب التي عليه.

السابقالتالي
2 3 4 5