الرئيسية - التفاسير


* تفسير مختصر تفسير ابن كثير/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق


{ وَمَا مَنَعَنَآ أَن نُّرْسِلَ بِٱلآيَاتِ إِلاَّ أَن كَذَّبَ بِهَا ٱلأَوَّلُونَ وَآتَيْنَا ثَمُودَ ٱلنَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُواْ بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِٱلآيَاتِ إِلاَّ تَخْوِيفاً }

عن ابن عباس قال: " سأل أهل مكة النبي صلى الله عليه وسلم أن يجعل لهم الصفا ذهباً، وأن ينحي الجبال عنهم فيزرعوا، فقيل له: إن شئت أن نستأني بهم، وإن شئت أن يأتيهم الذي سألوا، فإن كفروا هلكوا. كما هلكت من كان قبلهم من الأمم. قال: " لا بل استأن بهم " ، وأنزل الله تعالى: { وَمَا مَنَعَنَآ أَن نُّرْسِلَ بِٱلآيَاتِ إِلاَّ أَن كَذَّبَ بِهَا ٱلأَوَّلُونَ } الآية. وعن ابن عباس قال، " قالت قريش للنبي صلى الله عليه وسلم: ادع لنا ربك أن يجعل لنا الصفا ذهباً، ونؤمن بك، قال: " وتفعلون؟ " قالوا: نعم، قال، فدعا فأتاه جبريل، فقال: إن ربك يقرأ عليك السلام، ويقول لك: إن شئت أصبح لهم الصفا ذهباً، فمن كفر منهم بعد ذلك عذبته عذاباً لا أعذبه أحداً من العالمين، وإن شئت فتحت لهم أبواب التوبة والرحمة، فقال: " بل باب التوبة والرحمة " ".

وقال الحافظ أبو يعلى في " مسنده ": " لما نزلت { وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ ٱلأَقْرَبِينَ } صاح رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبي قبيس: " يا آل عبد مناف إني نذير " فجاءته قريش فحذرهم وأنذرهم، فقالوا: تزعم أنك نبي يوحى إليك وإن سليمان سخر له الريح والجبال، وإن موسى سخر له البحر، وإن عيسى كان يحيى الموتى، فادع الله أن يسير عنا هذه الجبال، ويفجر لنا الأرض أنهاراً فتتخذ محارث فنزرع ونأكل، وإلاّ فادع الله أن يحيي لنا موتانا لنكلمهم ويكلمونا، وإلاّ فادع الله أن يصير لنا هذه الصخرة التي تحتك ذهباً فننحت منها وتغنينا عن رحلة الشتاء والصيف، فإنك تزعم أنك كهيئتهم. قال: فبينا نحن حوله إذ نزل عليه الوحي فلما سري عنه قال: " والذي نفسي بيده لقد أعطاني ما سألتم، ولو شئت لكان، ولكنه خيرني بين أن تدخلوا باب الرحمة فيؤمن مؤمنكم، وبين أن يكلكم إلى ما اخترتم لأنفسكم فتضلوا عن باب الرحمة فلا يؤمن منكم أحد. فاخترت باب الرحمة فيؤمن مؤمنكم، وأخبرني أنه إن أعطاكم ذلك ثم كفرتم أنه يعذبكم عذاباً لا يعذبه أحداً من العالمين " ، ونزلت: { وَمَا مَنَعَنَآ أَن نُّرْسِلَ بِٱلآيَاتِ إِلاَّ أَن كَذَّبَ بِهَا ٱلأَوَّلُونَ } ، وقرأ ثلاث آيات، ولهذا قال تعالى: { وَمَا مَنَعَنَآ أَن نُّرْسِلَ بِٱلآيَاتِ } أي نبعث الآيات ونأتي بها على ما سأل قومك منك، فإنه سهل علينا يسير لدينا، إلاّ أنه قد كذب بها الأولون بعد ما سألوها، وجرت سنتنا فيهم وفي أمثالهم أنهم لا يؤخرون إن كذبوا بها بعد نزولها، كما قال تعالى في المائدة:قَالَ ٱللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَن يَكْفُرْ بَعْدُ مِنكُمْ فَإِنِّيۤ أُعَذِّبُهُ عَذَاباً لاَّ أُعَذِّبُهُ أَحَداً مِّنَ ٱلْعَالَمِينَ }

السابقالتالي
2