الرئيسية - التفاسير


* تفسير مختصر تفسير ابن كثير/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق


{ قُلِ ٱدْعُواْ ٱلَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِهِ فَلاَ يَمْلِكُونَ كَشْفَ ٱلضُّرِّ عَنْكُمْ وَلاَ تَحْوِيلاً } * { أُولَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَىٰ رَبِّهِمُ ٱلْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُوراً }

يقول تعالى: { قُلِ } يا محمد لهؤلاء المشركين الذين عبدوا غير الله { ٱدْعُواْ ٱلَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِهِ } من الأصنام والأنداد فارغبوا إليهم، فإنهم { فَلاَ يَمْلِكُونَ كَشْفَ ٱلضُّرِّ عَنْكُمْ } أي بالكلية، { وَلاَ تَحْوِيلاً } أي بأن يحولوه إلى غيركم، والمعنى أن الذي يقدر على ذلك هو الله وحده لا شريك له الذي له الخلق والأمر، قال ابن عباس: كان أهل الشرك يقولون: نعبد الملائكة والمسيح وعزيراً، وهم الذين يدعون، يعني الملائكة، والمسيح وعزيراً، وروى البخاري عن عبد الله بن مسعود في قوله: { أُولَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَىٰ رَبِّهِمُ ٱلْوَسِيلَةَ } قال ناس من الجن كانوا يعبدون فأسلموا، وفي رواية قال: كان ناس من الإنس يعبدون ناساً من الجن فأسلم الجن وتمسك هؤلاء بدينهم، وقال قتادة، عن ابن مسعود في قوله: { أُولَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ } الآية قال: نزلت في نفر من العرب كانوا يعبدون نفراً من الجن فأسلم الجنيون. والإنس الذين كانوا يعبدونهم لا يشعرون بإسلامهم، فنزلت هذه الآية، وفي رواية عن ابن مسعود: كانوا يعبدون صنفاً من الملائكة يقال لهم الجن فذكره، وقال ابن عباس: هم عيسى وعزير والشمس والقمر، وقال مجاهد: عيسى والعزير والملائكة، واختار ابن جرير قول ابن مسعود لقوله: { يَبْتَغُونَ إِلَىٰ رَبِّهِمُ ٱلْوَسِيلَةَ } وهذا لا يعبر به عن الماضي، فلا يدخل فيه عيسى والعزير والملائكة، وقال: والوسيلة هي القربة، كما قال قتادة، ولهذا قال: { أَيُّهُمْ أَقْرَبُ } ، وقوله تعالى: { وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ } لا تتم العبادة إلاّ بالخوف والرجاء، فبالخوف ينكف عن المناهي، وبالرجاء يكثر من الطاعات، وقوله تعالى: { إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُوراً } أي ينبغي أن يحذر منه ويخاف من وقوعه وحصوله عياذاً بالله منه.