الرئيسية - التفاسير


* تفسير مختصر تفسير ابن كثير/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق


{ وَلاَ تَمْشِ فِي ٱلأَرْضِ مَرَحاً إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ ٱلأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ ٱلْجِبَالَ طُولاً } * { كُلُّ ذٰلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهاً }

يقول تعالى ناهياً عباده عن التجبر والتبختر في المشية: { وَلاَ تَمْشِ فِي ٱلأَرْضِ مَرَحاً } أي متبختراً متمايلاً مشي الجبارين، { إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ ٱلأَرْضَ } أي لن تقطع الأرض بمشيك، { وَلَن تَبْلُغَ ٱلْجِبَالَ طُولاً }: أي بتمايلك وفخرك وإعجابك بنفسك، بل قد يجازى فاعل ذلك بنقيض قصده، كما ثبت في " الصحيح ": " بينما رجل يمشي فيمن كان قبلكم وعليه بردان يتبختر فيهما إذ خسف به الأرض فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة " وكذلك أخبر الله تعالى عن قارون أنه خرج على قومه في زينته، وأن الله تعالى خسف به وبداره الأرض، وفي الحديث: " من تواضع لله رفعه الله فهو في نفسه حقير وعند الناس كبير " ، ورأى البختري العابد رجلاً من آل (علي) يمشي وهو يخطر في مشيته، فقال له: يا هذا! إن الذي أكرمك به لم تكن هذه مشيته، قال: فتركها الرجل بعد. ورأى ابن عمر رجلاً يخطر في مشيته، فقال: إن للشياطين إخواناً، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا مشت أمتي المطيطاء وخدمتهم فارس والروم سلط بعضهم على بعض " وقوله: { كُلُّ ذٰلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهاً } ، أي كل هذا الذي ذكرناه من قوله:وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوۤاْ إِلاَّ إِيَّاهُ } [الإسراء: 23] إلى هنا، (فسيئه) أي فقبيحه مكروه عند الله.