الرئيسية - التفاسير


* تفسير مختصر تفسير ابن كثير/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق


{ وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً ثُمَّ لاَ يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ وَلاَ هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ } * { وَإِذَا رَأى ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ ٱلْعَذَابَ فَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمْ وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ } * { وَإِذَا رَأى ٱلَّذِينَ أَشْرَكُواْ شُرَكَآءَهُمْ قَالُواْ رَبَّنَا هَـٰؤُلآءِ شُرَكَآؤُنَا ٱلَّذِينَ كُنَّا نَدْعُوْا مِن دُونِكَ فَألْقَوْا إِلَيْهِمُ ٱلْقَوْلَ إِنَّكُمْ لَكَاذِبُونَ } * { وَأَلْقَوْاْ إِلَىٰ ٱللَّهِ يَوْمَئِذٍ ٱلسَّلَمَ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ } * { ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَاباً فَوْقَ ٱلْعَذَابِ بِمَا كَانُواْ يُفْسِدُونَ }

يخبر تعالى عن شأن المشركين يوم معادهم في الدار الآخرة، وأنه يبعث من كل أمة شهيداً وهو نبيها، يشهد عليها بما أجابته فيما بلغها عن الله تعالى: { ثُمَّ لاَ يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ } أي في الاعتذار لأنهم يعلمون بطلانه وكذبه كقوله:هَـٰذَا يَوْمُ لاَ يَنطِقُونَ * وَلاَ يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ } [المرسلات: 35-36] فلهذا قال: { وَلاَ هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ * وَإِذَا رَأى ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ } أي الذين أشركوا { ٱلْعَذَابَ فَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمْ } أي لا يفتر عنهم ساعة واحدة { وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ } أي لا يؤخر عنهم، بل يأخذهم سريعاً من الموقف بلا حساب، ثم أخبر تعالى عن تبري آلهتهم منهم أحوج ما يكونون إليها فقال: { وَإِذَا رَأى ٱلَّذِينَ أَشْرَكُواْ شُرَكَآءَهُمْ } أي الذين كانوا يعبدونهم في الدنيا { قَالُواْ رَبَّنَا هَـٰؤُلآءِ شُرَكَآؤُنَا ٱلَّذِينَ كُنَّا نَدْعُوْا مِن دُونِكَ فَألْقَوْا إِلَيْهِمُ ٱلْقَوْلَ إِنَّكُمْ لَكَاذِبُونَ } أي قالت لهم الآلهة كذبتم ما نحن أمرناكم بعبادتنا كما قال تعالى:وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّن يَدْعُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَن لاَّ يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ وَهُمْ عَن دُعَآئِهِمْ غَافِلُونَ } [الأحقاف: 5] وقوله: { وَأَلْقَوْاْ إِلَىٰ ٱللَّهِ يَوْمَئِذٍ ٱلسَّلَمَ } قال: قتادة وعكرمة: ذلوا واستسلموا يومئذٍ، أي استسلموا لله جميعهم، فلا أحد إلاّ سامع مطيع. وكقوله:أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنَا } [مريم: 38] أي ما أسمعهم وما أبصرهم يومئذٍ، وقال:وَلَوْ تَرَىٰ إِذِ ٱلْمُجْرِمُونَ نَاكِسُواْ رُءُوسِهِمْ عِندَ رَبِّهِمْ رَبَّنَآ أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا } [السجدة: 12] الآية، وقال:وَعَنَتِ ٱلْوُجُوهُ لِلْحَيِّ ٱلْقَيُّومِ } [طه: 111] أي خضعت وذلت واستكانت وأنابت واستسلمت. وقوله: { وَأَلْقَوْاْ إِلَىٰ ٱللَّهِ يَوْمَئِذٍ ٱلسَّلَمَ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ } أي ذهب واضمحل ما كانوا يعبدونه افتراء على الله فلا ناصر لهم ولا معين ولا مجير، ثم قال تعالى: { ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَاباً } الآية، أي عذاباً على كفرهم وعذاباً على صدهم الناس عن اتباع الحق، وهذا دليل على تفاوت الكفار في عذابهم كما يتفاوت المؤمنون في منازلهم في الجنة ودرجاتهم، كما قال تعالى:قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَـٰكِن لاَّ تَعْلَمُونَ } [الأعراف: 38].