الرئيسية - التفاسير


* تفسير مختصر تفسير ابن كثير/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق


{ وَٱللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِّن بُيُوتِكُمْ سَكَناً وَجَعَلَ لَكُمْ مِّن جُلُودِ ٱلأَنْعَامِ بُيُوتاً تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَآ أَثَاثاً وَمَتَاعاً إِلَىٰ حِينٍ } * { وَٱللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِّمَّا خَلَقَ ظِلاَلاً وَجَعَلَ لَكُمْ مِّنَ ٱلْجِبَالِ أَكْنَاناً وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ ٱلْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُم بَأْسَكُمْ كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ } * { فَإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ ٱلْبَلاَغُ ٱلْمُبِينُ } * { يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ ٱللَّهِ ثُمَّ يُنكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمُ ٱلْكَافِرُونَ }

يذكر تبارك وتعالى تمام نعمه على عبيده بما جعل لهم من البيوت التي هي سكن لهم يأوون إليها، ويستترون بها وينتفعون بها بسائر وجوه الانتفاع. وجعل لهم أيضاً من جلود الأنعام بيوتاً، أي من الأدم يستخفون حملها في أسفارهم ليضربوها لهم في إقامتهم في السفر والحضر. ولهذا قال: { تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوَافِهَا } أي الغنم، { وَأَوْبَارِهَا } أي الإبل، { وَأَشْعَارِهَآ } أي المعز، والضمير عائد على الأنعام { أَثَاثاً } أي تتخذون منه أثاثاً، وهو المال وقيل: المتاع، وقيل: الثياب، والصحيح أعم من هذا كله فإنه يتخذ من الأثاث البسط والثياب وغير ذلك، ويتخذ مالاً وتجارة. وقوله: { إِلَىٰ حِينٍ } أي إلى أجل مسمى ووقت معلوم. وقوله: { وَٱللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِّمَّا خَلَقَ ظِلاَلاً }. قال قتادة، يعني الشجر { وَجَعَلَ لَكُمْ مِّنَ ٱلْجِبَالِ أَكْنَاناً } أي حصوناً ومعاقل كما { وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ ٱلْحَرَّ } وهي الثياب من القطن والكتان والصوف { وَسَرَابِيلَ تَقِيكُم بَأْسَكُمْ } كالدروع من الحديد المصفح والزرد وغير ذلك، { كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ } أي هكذا يجعل لكم ما تستعينون به على أمركم وما تحتاجون إليه ليكون عوناً لكم على طاعته وعبادته، { لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ } أي من الإسلام، وقوله: { فَإِن تَوَلَّوْاْ } أي أبعد هذا البيان وهذا الامتنان فلا عليك منهم، { فَإِنَّمَا عَلَيْكَ ٱلْبَلاَغُ ٱلْمُبِينُ } وقد أديته إليهم، { يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ ٱللَّهِ ثُمَّ يُنكِرُونَهَا } أي يعرفون أن الله تعالى هو المسدي إليهم ذلك وهو المتفضل به عليهم، ومع هذا ينكرون ذلك ويعبدون معه غيره ويسندون النصر والرزق إلى غيره { وَأَكْثَرُهُمُ ٱلْكَافِرُونَ } ، عن مجاهد أن أعرابياً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله فقرأ عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم { وَٱللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِّن بُيُوتِكُمْ سَكَناً } فقال الأعرابي: نعم، قال: { وَجَعَلَ لَكُمْ مِّن جُلُودِ ٱلأَنْعَامِ بُيُوتاً } الآية، قال الأعرابي: نعم، ثم قرأ عليه كل ذلك، يقول الأعرابي: نعم، حتى بلغ: { كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ } فولَّى الأعرابي، فأنزل الله: { يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ ٱللَّهِ ثُمَّ يُنكِرُونَهَا } الآية.