الرئيسية - التفاسير


* تفسير مختصر تفسير ابن كثير/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق


{ وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِيۤ إِلَيْهِمْ فَٱسْأَلُواْ أَهْلَ ٱلذِّكْرِ إِن كُنْتُم لاَ تَعْلَمُونَ } * { بِٱلْبَيِّنَاتِ وَٱلزُّبُرِ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ ٱلذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ }

قال ابن عباس: لما بعث الله محمداً صلى الله عليه وسلم رسولاً أنكرت العرب ذلك أو من أنكر منهم وقالوا: الله أعظم من أن يكون رسوله بشراً فأنزل الله:أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَباً أَنْ أَوْحَيْنَآ إِلَىٰ رَجُلٍ مِّنْهُمْ أَنْ أَنذِرِ ٱلنَّاسَ } [يونس: 2] الآية، وقال: { وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِيۤ إِلَيْهِمْ فَٱسْأَلُواْ أَهْلَ ٱلذِّكْرِ إِن كُنْتُم لاَ تَعْلَمُونَ } يعني أهل الكتب الماضية أبشراً كانت الرسل إليهم أم ملائكة؟ فإن كانوا ملائكة أنكرتم، وإن كانوا بشراً فلا تنكروا أن يكون محمد صلى الله عليه وسلم رسولاً، والغرض أن هذه الآية الكريمة أخبرت بأن الرسل الماضين قبل محمد صلى الله عليه وسلم كانوا بشراً كما هو بشر، كما قال تعالى:قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنتُ إِلاَّ بَشَراً رَّسُولاً } [الإسراء: 93]، وقال:قُلْ مَا كُنتُ بِدْعاً مِّنَ ٱلرُّسُلِ } [الأحقاف: 9]، وقال تعالى:قُلْ إِنَّمَآ أَنَاْ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَىٰ إِلَيَّ } [فصلت: 6]، ثم أرشد الله تعالى من شك في كون الرسل كانوا بشراً إلى سؤال أصحاب الكتب المتقدمة عن الأنبياء الذي سلفوا، هل كان أنبياؤهم بشراً أو ملائكة، ثم ذكر تعالى أنه أرسلهم { بِٱلْبَيِّنَاتِ } أي بالحجج والدلائل { وَٱلزُّبُرِ } وهي الكتب، قاله ابن عباس ومجاهد: والزبر: جمع زبور، تقول العرب: زبرت الكتاب إذا كتبته. وقال تعالى:وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي ٱلزُّبُرِ } [القمر: 52]، وقال:وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي ٱلزَّبُورِ مِن بَعْدِ ٱلذِّكْرِ أَنَّ ٱلأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ ٱلصَّالِحُونَ } [الأنبياء: 105]، ثم قال تعالى: { وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ ٱلذِّكْرَ } يعني القرآن { لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ } أي من ربهم لعلمك بمعنى ما أنزل الله عليك، وحرصك عليه واتباعك له، ولعلمنا بأنك أفضل الخلائق وسيد ولد آدم فتفصل لهم ما أجمل وتبين لهم ما أشكل والمراد بأهل الذكر أهل الكتاب، { وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ } أي ينظرون لأنفسهم فيهتدون فيفوزون بالنجاة في الدارين.